قال رحمه الله : ولو كانت الوكالة عامة في جميع البياعات ، والأنكحة وكل شيء وعن قال وكلتك في جميع أموري التي يجوز بها التوكيل لو محمد كان وكيلا في البياعات ، والهبات ، والإجارات وعن قال هو وكيلي في كل شيء جائز صنعه أنه يكون وكيلا في المعاوضات دون الهبات ، والعتاق وقال مولانا وهذا كله إذا لم يكن في حال مذاكرة الطلاق فإن كان في حال مذاكرة الطلاق يكون وكيلا بالطلاق كذا في الخانية وأطلق في فعل الوكيل فشمل أبي حنيفة فإنه يقع على الصحيح كما في الخانية ، وفيها من فصل التوكيل بالطلاق منه مسائل مهمة لا بأس بذكرها تكثيرا للفوائد منها إذا سكر فطلق فإن الوكيل لا يجبر على فعل ما وكل فيه إلا فيما إذا الوكيل بالطلاق ، والعتاق أو غيرهما إذا قبل التوكيل وغاب الموكل فإنه يجبر على دفعه لأن الشيء المعين جاز أن يكون أمانة عند الآمر فيجب عليه تسليم الأمانة وأما في غيره من الطلاق وغيره إنما أمره بالتصرف في ملك الآمر وليس على الآمر إيقاع الطلاق ، والعتاق فلا يجب على الوكيل ومنها لو قال له ادفع هذه العين إلى فلان الصحيح أنه [ ص: 360 ] يملك عزله لأنه لا يجب عليه بطلبها ومنها لو وكله بطلاق امرأته بطلبها عند السفر وسافر ثم عزله بغير محضر المرأة قيل لا يصح التوكيل لأن فيه تغيير حكم الشرع . وكله بالطلاق ثم قال كلما عزلتك فأنت وكيلي
، والصحيح صحته ثم قيل لا يملك عزله ، والصحيح أنه يملكه ، وفي طريق عزله أقوال قال السرخسي يقول فينصرف إلى المعلق ، والمنجز وقيل يقول عزلتك عن جميع الوكالات وقيل يقول رجعت عن الوكالات المعلقة وعزلتك عن الوكالات المطلقة ومنها لو عزلتك كلما وكلتك طلقت ومنها لو وكله بطلاق امرأتيه فطلق إحداهما لا يقع لا للحال ولا إذا جاء وقت السنة ولا يخرج عن الوكالة حتى لو طلقها بعد ذلك في وقت السنة يقع ومنها لو طلقها الموكل ، ولو بائنا فطلاق الوكيل واقع ما دامت العدة ولا ينعزل بإبانة الموكل إذا لم يكن وكله ليطلقها للسنة فطلقها في غير وقت السنة فلو طلاق الوكيل بمال وقع طلاق الوكيل ، وإن تزوجها بعد العدة لم يقع وكذا لو طلقها الوكيل بعد ردة أحدهما ما دامت في العدة إلا إذا قضى بلحاقه فحينئذ تبطل الوكالة وارتداد الوكيل لا يبطلها إلا بالقضاء بلحاقة ومنها لو لم يطلقها الوكيل حتى تزوجها الموكل في العدة صح لصحة تعليق الوكالة ومنها لو قال له إذا تزوجت فلانة فطلقها لم يقع ومنها لو وكله بالطلاق فطلق قبل العلم لم يقع . وكله فرد ثم طلق
ولو وقع ومنها لو سكت بلا قبول ثم طلق صحت وبطل الشرط ولا فرق بين وكالة ووكالة ومنها لو شرط الخيار للموكل أو غيره في الوكالة فالبيان إلى الزوج ، ولو طلق الوكيل معينة جاز ولا يقبل من الزوج أنه ما أرادها كما لو وكله بطلاق امرأته وله أربع فطلق الوكيل واحدة بغير عينها أو قال طلقت امرأتك ومنها لو وكله ببيع عبد من عبيده فباع عبدا بعينه كان باطلا ، ولو قال له طلقها غدا فقال الوكيل أنت طالق غدا لم يقع ، وإن قال طلقها فقال الوكيل أنت طالق إن دخلت الدار فدخلت يقع للحال واحدة ويبطل الباقي وقيل على قياس قول قال طلقها ثلاثا للسنة فقال الوكيل في طهر لم يجامعها فيه أنت طالق ثلاثا للسنة ينبغي أن لا يقع شيء لأنه مأمور بإيقاع الواحدة في كل طهر وعنده المأمور بالواحدة إذا أوقع الثلاث لا يقع شيء ، والأصح أنه يقع هنا واحدة بلا خلاف لأن عند أبي حنيفة تعتبر الموافقة من حيث اللفظ فإن أبي حنيفة لا يصح وكذا لو الرجل إذا قال لغيره طلق امرأتي ثلاثا فطلقها ألفا لا يقع شيء وهنا وجدت الموافقة من حيث اللفظ فيقع واحدة ، ولو قال لغيره : طلق امرأتي نصف تطليقة فطلقها الوكيل تطليقة يقع واحدة بثلث الألف فإن قال طلقها ثلاثا للسنة بألف فقال لها الوكيل في وقت السنة أنت طالق ثلاثا بألف فقبلت يقع أخرى بغير شيء وكذا لو طلقها الثالثة في الطهر الثالث ، ولو طلقها الوكيل في الطهر الثاني تطليقة بثلث الألف فقبلت تقع الثانية بثلث الألف وكذا الثالثة على هذا الوجه . طلقها الوكيل أولا تطليقة بثلث الألف ثم تزوجها الزوج ثم طلقها الوكيل تطليقة ثانية بثلث الألف
ومنها لو فإن كان بعد ما تزوجها الموكل طلقت بالألف وإلا طلقت بغير شيء بخلاف ما لو وكله بطلاق المبانة بألف فطلقها الوكيل بألف في العدة فإنه لا يقع شيء ومنها وكله في طلاقها بالألف ثم طلقها الزوج بألف ثم طلقها الوكيل بألف لا يقبل قول الوكيل لأنه أقر بالإعتاق بعد خروجه عن الوكالة وكذا الوكيل بالطلاق ومنها لو الوكيل بالإعتاق إذا أقر أنه أعتقه أمس وكذبه الموكل لا يجوز وكذا لو وكل الوكيل بالطلاق أو العتاق غيره فطلق الثاني بحضرة الأول أو غيبته ففي الخلع ، والنكاح إذا فعل الثاني بحضرة الأول أو أجاز الوكيل فعل الأجنبي جاز ا هـ . طلقها أجنبي فأجاز الوكيل
وقد ظهر من كلامهم أن التوكيل بالطلاق فيه معنى التعليق من وجه حتى اعتبروا فيه الموافقة من حيث اللفظ ، وإن لم يوافق من حيث المعنى كما نقلناه آنفا ولم يجوزوا إجازة الوكيل ولا فعل وكيله بحضرته نظرا إلى أن الطلاق معلق بقوله فلا يقع بقول غيره [ ص: 361 ] ولم يعتبروا معنى التعليق فيه من جهة أنهم جوزوا الرجوع عنه ولذا قال في عمدة الفتاوى لو فله أن يخرجه من الوكالة بمحضر منه ما خلا الطلاق ، والعتاق لأنهما مما يتعلقان بالشرط ، والإخطار بمنزلة اليمين ولا رجوع عن اليمين ا هـ . قال الموكل كلما أخرجتك عن الوكالة فأنت وكيلي
وفي الخلاصة المختار أنه يملك عزله بحضرته إلا في الطلاق ، والعتاق ، والتوكيل بسؤال الخصم ا هـ .
فقد علمت أنهم اعتبروا فيه معنى التعليق من هذا الوجه أيضا .
وحاصل القول المختار أن إلا أن يقول : كلما أخرجتك عن الوكالة فأنت وكيلي فإنه يصير لازما لا يقبل الرجوع ، وفي البزازية من كتاب الوكالة التوكيل بالطلاق تعليق الطلاق بلفظ الوكيل ولذا يقع منه حال سكره ومنها للموكل أن يعزل وكيل الطلاق ، والعتاق جائز بدليل أن من التوكيل باليمين بالطلاق فأجاز الزوج جاز الوكيل بالطلاق إذا خالع على مال إن كانت مدخولة فخلاف إلى شر ، وإن غير مدخول فإلى خير وعليه أكثر المشايخ واختار قال لامرأة الغير إن دخلت الدار فأنت طالق الصفار وقال ظهير الدين : لا يصح في غير المدخولة أيضا لأنه خلاف فيهما إلى شر ا هـ .
ولعل الشر في غير المدخول ارتكاب الحرمة بأخذ المال إن كان النشوز منه وإلا فالطلاق قبل الدخول بائن ولو بلا عوض فأخذ المال خير للموكل كما لا يخفى إلا أن يقال الشر فيه أنه وكله بالتنجيز ، وقد أتى بالتعليق لأنه معلق بقبولها ، وفي الخانية من الوكالة : جاز في قول وكله أن يخلع امرأته فخلعها على درهم ولا يجوز في قولهما إلا فيما يتغابن الناس فيه ولو أبي حنيفة لا يجوز إلا أن يرضى الزوج به . ا هـ . وكل الرجل امرأته أن تخلع نفسها منه بمال أو عوض