( قوله وفيما يضيفه إلى الموكل كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد أو عن إنكار يتعلق بالموكل فلا يطالب وكيله بالمهر ووكيلها بتسليمها ) أي لأن الوكيل فيها سفير محض ألا ترى أنه لا يستغني عن إضافته العقد إلى الموكل ولو أضافه إلى نفسه كان النكاح له فصار كالرسول وهذا لأن الحكم فيها لا يقبل الفصل عن السبب لأنه إسقاط فيتلاشى فلا يتصور صدوره من شخص وثبوت حكمه لغيره فكان سفيرا وفي البزازية والحقوق في كل عقد لا يستغني الوكيل عن إضافته إلى موكله ينفذ على الموكل لأن عهدتهما على الموكل على كل حال ولو أخرج الكلام في النكاح والطلاق مخرج الوكالة بأن أضاف إلى نفسه صح إلا في النكاح الوكيل بالطلاق والعتاق إذا أخرج الكلام مخرج الرسالة بأن قال : إن فلانا أمرني أن أطلق أو أعتق أن في الطلاق أضاف إلى الموكل معنى لأنه بناء على ملك الرقبة وتلك للموكل في الطلاق والعتاق فأما في النكاح فذمة الوكيل قابلة للمهر حتى لو كان بالنكاح من جانبها وأخرج مخرج الوكالة لا يصير مخالفا لإضافته إلى المرأة معنى لأن صحة النكاح بملك البضع وذاك لها فكأنه قال : ملكتك بضع موكلتي فاندفع جانبه ا هـ . والفرق بين وكيل النكاح والطلاق
فعلى هذا معنى الإضافة إلى الموكل مختلف [ ص: 152 ] ففي وكيل النكاح من قبل الزوج على وجه الشرط وفيما عداه على وجه الجواز فيجوز عدمه وذكر في القنية قولين فيما إذا وقد فرع على رجوع الحقوق للموكل حكمين ومنها أن وكيلها لا يلي قبض مهرها والوكيل بالخلع لا يلي قبض البدل كما في البزازية ومنها أنه يصح ضمانه مهرها وتخير المرأة بين مطالبته أو الزوج فإذا أخذت من الوكيل لا يرجع على الزوج كذا في البزازية وفيها وكيل الخلع خالع وضمن صح وإن لم تأمره المرأة بالضمان وكذا يرجع قبل الأداء ا هـ . قال وكيل الطلاق : أنت طالق مني
وأشار بالكاف في قوله كالنكاح إلى بقية أفراد هذا النوع ولذا قال في الهداية من أخواته العتق على مال والكتابة والصلح على إنكار والهبة والتصدق والإعارة والإيداع والرهن والإقراض لأن الحكم فيها يثبت بالقبض وإنه يلاقي محلا مملوكا للغير فلا يجعل أصيلا وكذا إذا كان الوكيل من جانب الملتمس وكذا الشركة والمضاربة إلا أن باطل حتى لا يثبت الملك للموكل بخلاف الرسالة فيه ا هـ . التوكيل بالاستقراض
ومن هذا النوع الوكيل بالقبض وقدمنا أحكامه وفي المجتبى فإنه يضيف العقد إلى موكله دون نفسه فيقول : إن زيدا يستقرض منك كذا أو يسترهن عبدك أو يستعير منك ولو قال : هب لي أو أعرني أو أقرضني أو تصدق علي فهو للوكيل ا هـ . وكله أن يرتهن عبد فلان بدينه أو يستعيره له أو يستقرض له ألفا
( قوله وللمشتري منع الموكل عن الثمن ) لكونه أجنبيا عن الحقوق لرجوعها إلى الوكيل [ ص: 153 ] أصالة وقدمنا أحكام قبض الثمن وأنه لا فرق بين حضرة الوكيل وغيبته وإن وصي الوكيل ترجع الحقوق إليه بعد موته لا إلى الموكل وأشار المؤلف إلى أن كان للبائع حبس المبيع ولا مطالبة له على الموكل فإن لم ينقد الموكل الثمن إلى البائع باع القاضي الجارية بالثمن إذا رضيا وإلا فلا كذا في بيوع خزانة المفتين ( قوله وإن دفع إليه صح ولا يطالبه الوكيل ثانيا ) لأن نفس الثمن المقبوض حق الموكل وقد وصل إليه ولا فائدة في الأخذ منه ثم في الدفع إليه ولهذا لو كان للمشتري على الموكل دين تقع المقاصة ولو كان له عليهما دين تقع المقاصة بدين الموكل دون دين الوكيل وبدين الوكيل إذا كان وحده عند الموكل لو كان دفع الثمن إلى الوكيل فاستهلكه وهو معسر أبي حنيفة لكونه يملك الإبراء عنه ومحمد عندهما ولكنه بضمنه للموكل في الفصلين كذا في الهداية ولو أبرأه عن الثمن معا برئ المشتري بإبراء الموكل دون وكيله فلا رجوع على الوكيل .
كذا في النهاية ويستفاد من وقوع المقاصة بدين الوكيل أن صح وبرئ وضمن الوكيل لموكله وهي في الذخيرة أطلقه فشمل ما إذا نهاه الوكيل عن الدفع إلى موكله ومع ذلك دفع له فإنه يبرأ استحسانا كما في البزازية وأشار الوكيل لو باع من دائنه بدينه المؤلف إلى أن المسلم إليه لو دفع المسلم فيه إلى الموكل فإنه يبرأ ولو امتنع من دفع إليه له ذلك كما في البزازية وإلى أن المأذون كالوكيل كما في البزازية وذكر لا يملك المولى قبض ديون عبده المأذون إذا غاب لأنه فوق الوكيل لأنه يتصرف لنفسه والوكيل لغيره وفي الوكيل إذا غاب لا يملك فالمأذون أولى ومع ذلك لو قبضه المولى يبرأ المديون استحسانا إن لم يكن على العبد دين وإن كان عليه دين لا يبرأ لأن الحق للغرماء والمولى كالأجنبي ا هـ . والله تعالى أعلم أبو بكر
[ ص: 151 ]