قال رحمه الله ( لا الكفارة ) أي لا تجب ، وقال الكفارة بقتل العمد رحمه الله تجب اعتبارا بالخطإ بل أولى ; لأنها شرعت تمحو الإثم وهو في العمد أكثر فكان أدعى إلى إيجابها ولنا أن الكفارة دائرة بين العبادة والعقوبة فلا بد من أن يكون سببها أيضا دائرا بين الحظر والإباحة لتعلق العبادة بالمباح والعقوبة بالمحظور وقتل العمد كبيرة محض فلا تناط به كسائر الكبائر مثل الزنا والسرقة والربا قال الشافعي تاج الشريعة ، فإن قلت : يشكل ، فإنه كبيرة محضة ومع هذا تجب فيه الكفارة قلت : هو جناية على المحل ، ولهذا لو بكفارة قتل صيد المحرم يلزم جزاء واحد ، ولو كان جناية الفعل لوجب جزاءان والجناية على المحل يستوي فيها العمل والخطأ ا هـ . اشترك رجلان في قتل صيد الحرم
أقول : في الجواب بحث أما أولا فلأنه لا يدفع السؤال المذكور ; لأن مورده مضمون الدليل المزبور وهو الكفارة لا تناط بما هو كبيرة محضة لا أصل المدعى وهو أنه لا كفارة في القتل العمد ، فإذا سلم كون قتل صيد الحرم كبيرة محضة يلزم أن [ ص: 332 ] يشكل الدليل المزبور به سواء كان في جناية الفعل أو جناية المحل .
وكون الجناية على المحل يستوي فيها العمد والخطأ إنما يفيد لو ورد السؤال على أصل المدعى ، فإنه يمكن الجواب عنه حينئذ بأن ما قلناه في جناية الفعل دون جناية المحل وقتل صيد الحرم من قبيل الثانية دون الأولى وأما ثانيا فلأنه قد تقرر في كتب أصول الفقه أن الكفارة جزاء الفعل من كل الوجوه لا جزاء المحل أصلا فلو كان قتل صيد الحرم جناية على المحل لا جناية الفعل لزم أن لا تصلح الكفارة لكون الكفارة جزاء الفعل من كل الوجوه لا جزاء المحل أصلا ولا يمكن قياسه على الخطإ ; لأنه دونه في الإثم فشرعه لدفع الأدنى لا يدل على دفع الأعلى ولأن في قتل العمد وعيدا محكما ولا يمكن أن يقال يرتفع المأثم فيه بالكفارة مع وجود الشدة في الوعيد بنص قاطع لا شبهة فيه ومن ادعى ذلك محكما فيه بلا دليل ولأن الكفارة من المقدورات فلا يجوز إثباتها بالقياس على ما عرف في موضعه ولأن قوله تعالى { فجزاؤه جهنم } الآية كل موجبه إذ هو مذكور في سياق الجزاء للشرط فتكون الزيادة عليه نسخا ولا يجوز بالرأي .