في المكاتب يجني جناية عمدا فيصالحه أولياء الجناية على مال فيعجز قبل أن يؤدي المال قلت : أرأيت المكاتب إذا جنى جناية عمدا ، فصالحه أولياء الجناية على مائة دينار فعجز قبل أن يؤدي المائة ، أيقال للسيد ادفعه أم افده بالجناية ؟  قال : إذا كانت الجناية معروفة ، فإنه يقال لسيد المكاتب : ادفعه أو افده بالمائة . إلا أن تكون المائة أكثر من دية الجرح ; لأن  مالكا  قال في المكاتب إذا جنى جناية فإنه يقال له : أد الجناية وأقم على كتابتك ، فإن هو قوي على ذلك وإلا فسخت كتابته ثم خير سيده ، فإن شاء فداه بعقل الجناية وإن شاء دفعه . 
قلت : أرأيت إن قال : أنا أقوى على أداء الكتابة ولا أقوى على أداء الجناية ، أيكون ذلك له في قول  مالك  ؟  قال : قال  مالك    : إذا قال لا أقوى على أداء الجناية ، كان عاجزا مكانه ولا ينتظر به في قول  مالك    . 
قال  يونس بن يزيد    : قال  ربيعة    : إن أصاب المكاتب جرحا فعتق ، فإنما أدى عن نفسه ، وإن رق فإنما أدى من مال سيده . 
قال  يونس    : وقال  أبو الزناد    : إذا جرح هو جرحه فإنا نرى عقله على المكاتب في ماله ، وإن هو عجز عن ذلك محيت كتابته وخير سيده ، فإن شاء أن يعقل عنه عقل الجرح الذي جرح ، وإن شاء أن يسلمه إلى المجروح عبدا له أسلمه . 
قال  مالك    : أحسن ما سمعت في المكاتب إذا جرح الرجل جرحا يقع عليه فيه العقل ، أن المكاتب إن قوي على أن يؤدي عقل ذلك الجرح مع كتابته أداه ، وكان على كتابته ولا ينجم عليه كما ينجم على الحر . وإن هو لم يقو على ذلك فقد عجز عن كتابته ، وذلك أنه ينبغي له أن يؤدي عقل ذلك الجرح قبل كتابته ، وكذلك حقوق الناس أيضا تؤدى قبل الكتابة ; لأنه لا  [ ص: 614 ] يؤدي خراجا والكتابة خراج وعليه أموال الناس . 
فإن عجز المكاتب عن أداء عقل ذلك الجرح خير سيده ، فإن أحب أن يؤدي عقل ذلك الجرح فعل وأمسك غلامه وصار عبدا مملوكا ، وإن أحب أن يسلم عبده للمجروح أسلمه وليس على السيد أكثر من أن يسلم عبده . 
قال سحنون    : عن  ابن شهاب  أنه قال في العبد يكاتبه سيده وعليه دين للناس فكان يقول : يبدأ بدين الناس فيؤدى قبل أن يؤخذ من نجومه شيء . إن كان دينه يسيرا بدئ بقضائه وأقر على كتابته ، وإن كان دينه كثيرا تحبس نجومه ، وما اشترط من تعجيل منفعته فسيده بالخيار ، إن شاء أقره على كتابته حتى يقضي دينه ثم يستقبل نجومه ، وإن شاء محا كتابته .  يونس  عن  ربيعة  أنه قال : أما دين المكاتب فيكسر كتابته وينزل في دينه بمنزلة العبد المأذون له في التجارة . محمد بن عمرو    : عن  ابن جريج  عن  عبد الكريم  قال : قال  زيد بن ثابت    : المكاتب لا يحاص سيده الغرماء ، يبدأ بالذي لهم قبل كتابة سيده . قال  ابن جريج    : قيل  لسعيد بن المسيب    : كان  شريح  يقول : يحاصهم بنجمه الذي حل ؟ قال  ابن المسيب    : أخطأ  شريح    . 
قال : وقال  زيد بن ثابت  يبدأ بالذي للديان . وكان  ابن شهاب   ومجاهد   وعطاء  يقولون : مضت السنة إذا وجب على المملوك عقل فلا يؤخر ولا ينجم كما ينجم المعاقل ولكنه عاجل . 
				
						
						
