باب تبدئة بعض الرقيق على بعض في العتق في الحياة ( قال ) : رضي الله تعالى عنه ولو أن الشافعي وقفنا أمرهم فإن مات أعتقنا الأول ، فإن كان الثلث كاملا عتق كله ، وإن كان أكثر من الثلث عتق منه ما حمل الثلث دون ما بقي والعبدان معه ، وإن كان أقل من الثلث عتق كله وعتق من الثاني ما حمل الثلث فإن خرج الثاني من الثلث فهو حر كله ، وإن خرج من الثلث وبقي فضل في الثلث عتق الفضل من الثالث ولو كانوا أربعة فأكثر والمسألة بحالها كان القول كما وصفت ، فإن قال معهم وأعتقوا الرابع وصية ، أو إذا مت ، أو كان الرابع مدبرا كان القول فيها كما وصفت وبدئ عتق البتات ; لأنه وقع في الحياة على كل عتق بعد الموت بتدبير ، أو وصية ، والتدبير وصية ; لأن له أن يرجع فيه ما كان حيا ، وأنه لا يقع إلا بعد الموت وإن فضل عن ثلثه فضل عن الذين أعتقهم عتق بتات عتق من المدبر أو ممن أوصى بعتقه ما حمل الثلث ورق ما بقي ، وكذلك لو رجلا قال في مرضه غلامي هذا حر لوجه الله ، ثم قال بعد وغلامي هذا حر ، ثم قال بعد لآخر ذلك ، وليس له مال غيرهم وقفنا عتقهم ، فإذا مات بدأنا بسالم ; لأن الحرية قد كانت وقعت له قبل غانم إن عاش ، فإن فضل فضل عتق غانم ، فإن فضل فضل عتق زياد ، أو ما حمل الثلث منه وإذا بدئ عتق بعضهم على بعض عتق البتات كان كما وصفت لك لا قرعة إذا كان تبدئة ; لأن عتق كل واحد منهم يقع بالكمال على معنى إن عاش المعتق أو يخرج المعتق من الثلث إن مات المعتق ، قال : سالم حر وغانم حر وزياد حر فهي موقوفة حتى يقرع بينهم ، فأيهم خرج سهمه كان حرا وكانت الجناية عليه كالجناية على الحر ، وموقوفة وما أصاب في تلك الحال من حد ، فإذا خرج سهمه حد فيه حد الأحرار ، فإذا شهد في تلك الحال وقفت شهادته ، فإذا عتق جازت ، وما ورث في تلك الحال وقف ، فإذا خرج سهمه فكالحر لا تختلف أحكامه ويجري الولاء ويرث ويورث لما وصفت من أن الحرية وقعت بالقول المتقدم في عتق البتات ، والقول المتقدم في موت المعتق في التدبير وعتق الوصية وهكذا إن جنوا وقفت جنايتهم ، فأيهم عتق عقلت عنه عاقلته من قرابته ، فإن لم يحتملوا فمواليه ، وأيهم رق فجنايته جناية . وما جنى على الرقيق بعد وقوع العتق وقبل القرعة من جناية
[ ص: 12 ] عبد يخير سيده بين أن يفديه ، أو يباع منه في الجناية ما تؤدى به ، أو تأتي على جميع ثمنه ( قال ) : ولو كان الجاني بعض هؤلاء المعتقين ، فعتق بالقرعة نصفه قيل لمالكه إن شئت فاقتد النصف الذي تملك بنصف أرش الجناية تاما وإلا بيع عليك ما تملك منه حتى تؤدي نصف جميع الجناية ، فإن كان في نصفه فضل عن نصف الجناية بيع بقدر نصف الجناية إلا أن تشاء أن يباع كله ويرد عليك الفضل من ثمنه وكان ما بقي من نصف الجناية في مال إن اكتسبه في يومه الذي يكون فيه لنفسه يؤخذ منه الفضل عن مصلحته في نفقته وكسوته وما بقي دين عليه متى عتق اتبع به ، فإن أقرع على الموتى والأحياء ، فإن خرج سهم الحي حرا عتق وأعطى كل مال أفاده من يوم تكلم سيده بالعتق وكان الميتان رقيقين إن كانت قيمتهما سواء ، فإن كان للميتين مال أحصي ، فكأنهما تركا ألفا كسباها بعد كلام السيد بالعتق ، كل واحد منهما خمسمائة ، فزاد مال الميت ، فأقرعنا بينهما فخرج سهم الحرية على أحدهما ، فحسبنا كم يعتق منه بتلك الخمسمائة التي كانت للمستفيد كأنه قيمة خمسمائة فوجدناه ثلثه ، ثم نظرنا إلى الخمسمائة الدرهم التي كسبها بعد عتق سيده فأعطيناه ثلثها وهو مائة وستة وستون وثلثا درهم وبقي ثلثاها وهو ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث ، فزدناه في مال الميت فكنا إذا زدناه في العتق رجع علينا بفضل ما أخذنا من ماله فانتقصناه من العتق قال أعتق ثلاثة مماليك ليس له مال غيرهم ومات فلم يقرع بينهم حتى مات منهم واحد ، أو اثنان أبو يعقوب يقدر ذلك على أن يعتق منه ما يكون له من ماله بقدر ما عتق منه غير محسوب ذلك من مال الميت ; لأن ذلك إنما تحسبه نصيب حر فهو له دون السيد ( قال ) : وقال بعض من ينسب إلى العلم في الرقيق يعتقون فلا يحملهم الثلث يقومون يوم يقرع بينهم ولا أنظر إلى قيمهم يوم يكون العتق ; لأن العتق إنما يقع بالقرعة ، كأنه ذهب إلى أنه إذا لم يدر أيهم عتق ولا أيهم رق وليست في واحد منهم حرية تامة إنما تتم بالقرعة ( قال الشافعي ) : ومن مات منهم لم يعتق ومات رقيقا وأخذ ماله ورثة سيده ، فأقرع بين الأحياء كأنه لم يدع رقيقا غيرهم ( قال الشافعي ) : وإذا الشافعي ففيها قولان : أحدهما : أنه يوقف عتقه فإن وجد له مال يبلغ قيمته دفع إلى شريكه من ماله أحب أو كره قيمته وبأن عتقه بالدفع ( قال ) : وسواء في العتق العبد والأمة والمرتفع والمتضع من الرقيق والكافر والمسلم لا افتراق في ذلك ، ومن قال هذا القول انبغى أن يقول لما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن أعتق شركا له في عبد وكان له مال يبلغ قيمة العبد قوم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد ، وإلا فقد عتق منه ما عتق فبين في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يعتق بالقول إذا كان له مال والقيمة في ماله وإن لم يرض شركاؤه بالعتق استدللنا على أن عتقه إذا كان ذا مال ودفعت قيمته إخراجا له من أيدي مالكيه معه أحبوا أو كرهوا ، فإذا كان هذا هكذا وقع العتق والولاء ثابت للمعتق والغرم لازم له في قيمة ملك شركائه من العبد ، فإذا كان هذا هكذا فلو أعتق واحد من شركائه أو كلهم بعد ما يقع عليه عتقه بالقول لم يقع عليه ; لأنه خارج عن ملكه تام العتق على المعنى الذي وصفت من دفع الثمن ، ويقال لك : الثمن فإن شئت فخذه وإن شئت فدعه ، والولاء للذين سبقا بالعتق ولو أعتقا جميعا معا لزمهما العتق وكان الولاء لهما ، والغرم لشريك إن كان معهما عليهما سواء ، فأما إذا تقدم أحد المعتقين من موسر فالعتق تام والولاء له ، وما كان من عتق بعده فليس بجائز ، وهو عتق ما لا يملك ، وإن كان أحد شركائه غائبا تم العتق ووقف حقه له حتى يقدم أو يوكل من يقبضه ، فإن أقام الغائب البينة أنه أعتقه في وقت قبل الوقت الذي أعتقه الحاضر وكان هو موسرا ، فهو حر وله ولاؤه ويبطل عتق الحاضر ; لأنه أعتق حرا وإن كان معسرا عتق نصيبه منه وله ولاؤه وعتق الباقي على الحاضر وضمن . كان العبد بين ثلاثة فأعتق أحدهم نصيبه منه وهو موسر
[ ص: 13 ] لشريكه قيمته ، ولو أعتقه واحد ، ثم آخر وقف العتق منهما ، فإن كان الأول موسرا دفع ثمنه وعتق عليه وكان عتق الآخر باطلا ، وإن كان معسرا عتق على الثاني نصيبه ، فإن كان موسرا عتق عليه نصيب صاحبه وأعطاه قيمته وكان الولاء بينهما على قدر ما أعتق ، للأول الثلث وللآخر الثلثان ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جعل مدفوعا من ماله إلى شركائه قضى على المعتق الآخر بذلك ، والقضاء بقليل الغرم إذا أعتق أولى من القضاء بكثيره ، أو في مثل معناه وفي قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله { على الذي يعتق نصيبا له في عبد أن يعتق عليه كله إذا كان موسرا } : دلالتان : إحداهما ، إن على المرء إذا فعل فعلا يوجب لغيره إخراج شيء من ماله أن يخرج منه ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل إلا أن يكون لا مال له غير قيمة العبد ، فأما في مال الناس فهذا صحيح ، وقد يحتمل أن يقاس عليه ما جعل الله من ماله ، ويحتمل أن يفرق بينه ، والقول الثاني أني أنظر إلى المعتق شركا له في عبد ، فإذا كان حينئذ موسرا ثم قوم عليه بعدما أعسر كان حرا وأتبع بما ضمن منه ولم ألتفت إلى تغير حاله ، إنما أنظر إلى الحال التي وقع عليها فيها الحكم فإن كان ممن يضمن ضمن ، وهذا القول الذي يصح فيه القياس ، ولو فكان له مال يبلغ قيمة العبد قوم عليه أعتقنا منه خمس النصف ، فعتق نصفه وعشره وكان ما بقي منه رقيقا . أعتق عبدا قيمته ألف ولم نجد له حين أعتق إلا مائة
وهكذا كلما قصر عن مبلغ قيمة شريكه عتق منه بقدر ما وجد للمعتق ورق ما بقي منه مما لم يحتمله ماله ، ولو يقوم عليه قوم عليه في جميع ماله إذا كان العتق وهو موسر لأن يخرج من ماله ; لأنه وجب عليه بأن يكون موسرا واجد المال يدفع يوم أعتق ولا يمنعه الموت من حر لزمه في الصحة كما لو جنى جناية ، ثم مات لم يمنعه الموت من أن يحكم بها في ماله ، أو على عاقلته وسواء أخر ذلك أو قدم ، وكذلك لو كان العبد له خالصا فأعتق بعضه ، ثم مات كان حرا كله بالقول المتقدم منه ولو لم يدع مالا غيره ; لأن العتق وقع في الصحة وهو غير محجور عن ماله ومتى أعتق شركا له في عبد وكان له مال يعتق منه قوم عليه يومئذ ودفع إليه قيمته وعتق كله ، فإن أعتقه ولا مال له فالعبد رقيق ويعتق منه ما يملك المعتق ، وإن أيسر بعد ذلك لم يقوم عليه ، وسواء أيسر بعد الحكم أو قبله ، إنما انظر إلى الحال التي يعتق بها ، فإن كان موسرا دافعا عتق في قول من يرى العتق ، إنما يقع باليسر والدفع ، ويعتق في قول من يرى العتق إنما يقع باليسر وإن لم يكن دافعا إذا كان موسرا يوم أعتق . أعتق رجل شقصا من عبد في صحته ، ثم مات قبل
وإن كان غير موسر دافع لم يعتق ; لأنه يومئذ وقع الحكم وإن أيسر بعده وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال في المعتق شركا له في عبد إن كان موسرا قوم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه وإلا فقد عتق منه ما عتق ، وإنما جعله يخرج من ملك الذي لم يعتق بعتق شريكه بأن يكون شريكه موسرا دافعا لقيمته ، وهذا في قول من قال لا يعتق إلا بالدفع ، والقول الآخر أنه يعتق باليسر ، وإن لم يكن دافعا بأن يكون موسرا غير دافع ، وإذا أخرجه من ملك المعتق عليه بأمرين : اليسر والدفع لم يجز أن يخرج من ملكه بأمر واحد ، وهو قول يجد من قاله مذهبا ، وأصح في القياس أن ينظر إلى المعتق حين يقع العتق فإن كان موسرا بقيمته فقد وقع العتق وضمن القيمة ، وإن أعدم بعد أتبع بالقيمة ، ولو قومت حبلى وعتق ولدها معها ; لأنها كانت حبلى يوم أعتقت ، فيعتق ولدها بعتقها ويرقون برقها ليس بمنفصل عنها ولو زعمت أن العتق إنما يقع يوم يكون الحكم ، انبغى أن لا يعتق الولد معها ; لأنه لم يعتق الولد ألا ترى أنه لو أعتق جارية ساعة ولدت لم يعتق ولدها معها إنما يعتق ولدها بعتقها إذا كانت حبلى ، فأما إذا ولدت فحكم ولدها حكم ولد غيرها . . كانت المعتقة جارية حبلى يوم أعتق بعضها فلم تقوم حتى ولدت