باب مخاطبة المرأة بما يلزمها من الخلع وما لا يلزمها من النكاح والطلاق وإملاء على مسائل مالك وابن القاسم .
( قال ) رحمه الله ولو الشافعي فهو كقول الرجل يعني ثوبك هذا بمائة درهم فإن طلقها ثلاثا فله المائة ، ولو قالت له : اخلعني أو بتني أو أبني أو ابرأ مني أو بارئني ولك علي ألف درهم وهي تريد الطلاق وطلقها فله ما سمت له ، ولو قالت : اخلعني على ألف [ ص: 292 ] كانت له ألف ما لم يتناكرا فإن قالت : علي ألف ضمنها لك غيري أو علي ألف فلس وأنكر تحالفا وكان له عليها مهر مثلها ، ولو قالت له : طلقني ولك علي ألف درهم ، فقال : أنت طالق على الألف إن شئت فلها المشيئة وقت الخيار ، وإن أعطته إياها في وقت الخيار لزمه الطلاق وسواء هرب الزوج أو غاب حتى مضى وقت الخيار أو أبطأت هي بالألف ، ولو قالت له امرأته : إن طلقتني ثلاثا فلك علي مائة درهم فعليه طلقة ; لأنها أعطته ألف درهم وزيادة ، ولو أعطته إياها رديئة فإن كانت فضة يقع عليها اسم دراهم طلقت وكان عليها بدلها فإن لم يقع عليها اسم دراهم لم تطلق ، ولو قال : متى ما أعطيتني ألفا فأنت طالق فذلك لها وليس له أن يمتنع من أخذها ولا لها إذا أعطته أن ترجع فيها ، ولو قال : أنت طالق إن أعطيتني ألف درهم فأعطته إياها زائدة فله ثلث الألف ، وإن طلقها ثلاثا فله الألف ، ولو لم يكن بقي عليها إلا طلقة فطلقها واحدة كانت له الألف ; لأنها قامت مقام الثلاث في أنها تحرمها حتى تنكح زوجا غيره . قالت له : طلقني ثلاثا ولك ألف درهم فطلقها واحدة
( قال ) رحمه الله وقياس قوله ما حرمها إلا الأوليان مع الثلاثة كما لم يسكره في قوله إلا القدحان مع الثالث وكما لم يعم الأعور المفقوءة عينه الباقية إلا الفقء الأول مع الفقء الآخر وأنه ليس على الفاقئ الأخير عنده إلا نصف الدية فكذلك يلزمه أن يقول : لم يحرمها عليه حتى تنكح زوجا غيره إلا الأوليان مع الثالثة فليس عليها إلا ثلث الألف بالطلقة الثالثة في معنى قوله . المزني
( قال ) رحمه الله : ولو الشافعي كان له الألف وكان متطوعا بالاثنتين ، ولو بقيت له عليها طلقة فقالت : طلقني ثلاثا بألف واحدة أحرم بها عليك واثنتين إن نكحتني بعد زوج ; فله مهر مثلها إذا طلقها كما قالت ، ولو قالت له : طلقني واحدة بألف فطلقها ثلاثا فجائزان اشتراطا إذا مضى الحولان نفقته بعدهما في كل شهر كذا قمحا وكذا زيتا فإن كفي وإلا رجعت عليه بما يكفيه ، وإن مات رجع عليه بما بقي ، ولو خلعها على أن تكفل ولده عشر سنين لزمها ولا يلزمها في غير وقت الخيار ، كما لو جعل أمرها إليها لم يجز إلا في وقت الخيار ، ولو قال : أمرك بيدك فطلقي نفسك إن ضمنت لي ألف درهم فضمنتها في وقت الخيار فهي طالق ولا يملك العبد وإنما يقع في هذا الموضع بما يقع به الحنث . قال : إن أعطيتني عبدا فأنت طالق ، فأعطته أي عبد ما كان
( قال ) رحمه الله ليس هذا قياس قوله ; لأن هذا في معنى العوض وقد قال في هذا الباب : متى أو متى ما أعطيتني ألف درهم فأنت طالق ، فذلك لها وليس له أن يمتنع من أخذها ولا لها أن ترجع إن أعطته فيها والعبد والدرهم عندي سواء غير أن العبد مجهول فيكون له عليها مهر مثلها وقد قال لو قال لها إن أعطيتيني شاة ميتة أو خنزيرا أو زق خمر فأنت طالق ففعلت طلقت ويرجع عليها بمهر مثلها ، ولو المزني رده وكان له عليها مهر مثلها ، ولو خلعها بعبد بعينه ثم أصاب به عيبا فهي طالق ولا شيء عليها وهذا مثل قوله : أنت طالق وعليك حجة ، ولو تصادقا أنها سألته الطلاق فطلقها على ذلك كان الطلاق بائنا ، ولو قال : أنت طالق وعليك ألف درهم كان له عليها مهر مثلها والخلع فما وصفت كالبيع المستهلك ، ولو خلعها على ثوب على أنه مروي فإذا هو هروي فرده فإنه يرجع بمهر مثلها ; لأن المرأة تدر على المولود ولا تدر على غيره ويقبل ثديها ولا يقبل غيره ويترأمها فتستمريه ولا يستمري غيرها ولا يترأمه ولا تطيب نفسا له ، ولو خلعها على أن ترضع ولده وقتا معلوما فمات المولود طلقت ومهرها عليه ولا يرجع على الأب بشيء ; لأنه لم يضمن له شيئا وله عليها الرجعة ، ولو قال له أبو امرأته : طلقها وأنت بريء من صداقها ، فطلقها فالطلاق ثابت ولها الألف وعليها مهر مثلها ، ولو قالتا : طلقنا بألف ، ثم ارتدتا فطلقهما بعد الردة وقف الطلاق فإن رجعتا في العدة لزمهما والعدة من يوم الطلاق ، وإن لم يرجعا حتى انقضت العدة لم يلزمهما شيء ، ولو أخذ منها ألفا على أن يطلقها إلى شهر فطلقها لم يطلقا ولا واحدة منهما حتى يشاءا معا في وقت الخيار ، ولو كانت إحداهما محجورا عليها وقع الطلاق عليهما وطلاق غير المحجور عليها بائن [ ص: 293 ] وعليها مهر مثلها ولا شيء على الأخرى ويملك رجعتها ( قال قال لهما : أنتما طالقان إن شئتما بألف ) رحمه الله تعالى هذا عندي يقضي على فساد تجويزه مهر أربع في عقدة بألف ; لأنه لا فرق بين مهر أربع في عقدة بألف وخلع أربع في عقدة بألف فإذا أفسده في إحداهما للجهل بما يصيب كل واحدة منهن فسد في الأخرى ، ولكل واحدة منهن وعليها مهر مثلها . المزني
( قال ) رحمه الله : ولو الشافعي فالألف له لازمة ولا يجوز ما اختلعت به الأمة إلا بإذن سيدها ولا المكاتبة ، ولو أذن لها سيدها ; لأنه ليس بمال للسيد فيجوز إذنه فيه ولا لها فيجوز ما صنعت في مالها وطلاقهما بذلك بائن فإذا أعتقتا اتبع كل واحدة بمهر مثلها كما لا أحكم على المفلس حتى يوسر وإذا أجزت طلاق السفيه بلا شيء كان ما أخذ عليه جعلا أولى ولوليه أن يلي على ما أخذ بالخلع ; لأنه ماله وما أخذ العبد بالخلع فهو لسيده فإن استهلكا ما أخذا رجع الولي والسيد على المختلعة من قبل أنه حق لزمها فدفعته إلى من لا يجوز لها دفعه إليه ، ولو اختلفا فهو كاختلاف المتبايعين فإن قال له أجنبي طلق فلانة على أن لك علي ألف درهم ففعل تحالفا وله صداق مثلها ولا يرد الطلاق ولا يلزمه منه إلا ما أقر به . قالت : خلعتني بألف وقال : بألفين أو قالت : على أن تطلقني ثلاثا فطلقتني واحدة
( قال ) رحمه الله : ولو الشافعي فهو مقر بطلاق لا يملك فيه الرجعة فيلزمه وهو مدعي ما لا يملكه بدعواه ويجوز التوكيل في الخلع حرا كان أو عبدا أو محجورا عليه أو ذميا فإن خلع عنها بما لا يجوز فالطلاق لا يرد وهو كشيء اشتراه لها فقبضته واستهلكته فعليها قيمته ولا شيء على الوكيل إلا أن يكون ضمن ذلك له . قال : طلقتك بألف وقالت : بل على غير شيء
( قال ) رحمه الله : ليس هذا عندي بشيء والخلع عنده كالبيع في أكثر معانيه ، وإذا المزني بطل البيع فكذلك لما طلقها عليه بما لا يجوز من البدل بطل الطلاق عنه كما بطل البيع عنه . باع الوكيل ما وكله به صاحبه بما لا يجوز من الثمن
( قال ) رحمه الله : ولو الشافعي فلا طلاق عليه كما لو قال : أنت طالق بمائة فأعطته خمسين . وكل من يخالعها بمائة فخالعها بخمسين
( قال ) رحمه الله : وهذا بيان لما قلت في المسألة قبلها . المزني