الرابع : روينا عن - رضي الله عنه - أنه قال: اتبع لفظ الشيخ في قوله: " حدثنا، وحدثني، وسمعت، وأخبرنا" ولا تعدوه . أبي عبد الله أحمد بن حنبل
قلت : ليس لك فيما تجده في الكتب المؤلفة من روايات من تقدمك أن تبدل في نفس الكتاب ما قيل فيه "أخبرنا" بـ "حدثنا"، ونحو ذلك، وإن كان في إقامة أحدهما مقام الآخر خلاف وتفصيل سبق؛ لاحتمال أن يكون من قال ذلك ممن لا يرى التسوية بينهما .
ولو وجدت من ذلك إسنادا عرفت من مذهب رجاله التسوية بينهما فإقامتك أحدهما مقام الآخر من باب تجويز الرواية بالمعنى ، وذلك وإن كان فيه خلاف معروف فالذي نراه الامتناع من إجراء مثله في إبدال ما وضع في الكتب المصنفة، والمجامع المجموعة، على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
وما ذكره في "كفايته" من إجراء ذلك الخلاف في هذا، فمحمول عندنا على ما يسمعه الطالب من لفظ المحدث، غير موضوع في كتاب مؤلف. والله أعلم . الخطيب أبو بكر
الخامس : اختلف أهل العلم في صحة فورد عن الإمام سماع من ينسخ وقت القراءة، إبراهيم الحربي ، ، والأستاذ وأبي أحمد بن عدي الحافظ الفقيه الأصولي، وغيرهم نفي ذلك . أبي إسحاق الإسفرائيني
وروينا عن ، أحد أئمة الشافعيين أبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغي بخراسان أنه سئل عمن يكتب في السماع؟ فقال : يقول: " حضرت " ولا يقل: " حدثنا ولا أخبرنا".
وورد عن موسى بن هارون الحمال تجويز ذلك . وعن قال : "كتبت عند أبي حاتم الرازي وهو يقرأ، وكتبت عند عارم عمرو بن مرزوق وهو يقرأ ". وعن : أنه قرئ عليه، وهو ينسخ شيئا آخر غير ما يقرأ . عبد الله بن المبارك
ولا فرق بين النسخ من السامع، والنسخ من المسمع .
قلت : وخير من هذا الإطلاق التفصيل . فنقول : لا يصح السماع إذا كان النسخ بحيث يمتنع معه فهم الناسخ لما يقرأ، حتى يكون الواصل إلى سمعه كأنه صوت غفل . ويصح إذا كان بحيث لا يمتنع معه الفهم .
كمثل ما رويناه عن الحافظ العالم أنه حضر في حداثته مجلس أبي الحسن الدارقطني: فجلس ينسخ جزءا كان معه، إسماعيل الصفار، وإسماعيل يملي، فقال له بعض الحاضرين : لا يصح سماعك وأنت تنسخ ، فقال : فهمي للإملاء خلاف فهمك .
ثم قال : تحفظ كم أملى الشيخ من حديث إلى الآن؟ فقال : لا، فقال أملى ثمانية عشر حديثا، فعدت الأحاديث فوجدت كما قال . الدارقطني:
ثم قال أبو الحسن: الحديث الأول منها عن فلان، عن فلان، ومتنه كذا . والحديث الثاني: عن فلان، عن فلان، ومتنه كذا.، ولم يزل يذكر أسانيد الأحاديث، ومتونها على ترتيبها في الإملاء حتى أتى على آخرها، فتعجب الناس منه. والله أعلم .
[ ص: 630 ] [ ص: 631 ]