وقد استحب للمملي أن يجمع في إملائه بين الرواية عن جماعة من شيوخه، مقدما للأعلى إسنادا، أو الأولى من وجه آخر ، ويملي عن كل شيخ منهم حديثا واحدا ويختار ما علا سنده وقصر متنه، فإنه أحسن، وأليق ، وينتقي ما يمليه ويتحرى المستفاد منه، وينبه على ما فيه من فائدة، وعلو، وفضيلة ، ويتجنب ما لا تحتمله عقول الحاضرين، وما يخشى فيه من دخول الوهم عليهم في فهمه .
وكان من عادة غير واحد من المذكورين ختم الإملاء بشيء من الحكايات، والنوادر، والإنشادات بأسانيدها، وذلك حسن. والله أعلم.
وإذا قصر المحدث عن تخريج ما يمليه، فاستعان ببعض حفاظ وقته، فخرج له فلا بأس بذلك . قال : "كان جماعة من شيوخنا يفعلون ذلك ". الخطيب
وإذا نجز الإملاء فلا غنى عن مقابلته، وإتقانه وإصلاح ما فسد منه بزيغ القلم وطغيانه .
هذه عيون اجتزأنا بها معرضين عن التطويل بما ليس من مهماتها، أو هو ظاهر ليس من مستبهماتها، والله الموفق، وهو أعلم . من آداب المحدث،
[ ص: 741 ] [ ص: 742 ]