الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
3 - قوله: (اعلم - علمك الله وإياي - أن nindex.php?page=treesubj&link=29590الحديث عند أهله ينقسم إلى صحيح وحسن وضعيف). انتهى.
وقد اعترض عليه بأمرين: أحدهما أن في nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي مرفوعا: nindex.php?page=treesubj&link=19767 "إذا دعا أحدكم فليبدأ بنفسه" فكان الأولى أن يقول: علمنا الله وإياك. انتهى ما اعترض به هذا المعترض.
والحديث الذي ذكره من عند nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ليس هكذا وهو حديث nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب nindex.php?page=hadith&LINKID=665677أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه، ثم قال: هذا حديث حسن غريب صحيح.
[ ص: 213 ] ورواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود أيضا ولفظه: nindex.php?page=hadith&LINKID=675393 "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدأ بنفسه، وقال رحمة الله علينا وعلى موسى" الحديث.
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أيضا في سننه الكبرى وهو عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا كما سيأتي، فليس فيه ما ذكره من أن كل داع يبدأ بنفسه، وإنما هو من فعله صلى الله عليه وسلم لا من قوله، وإذا كان كذلك فهو مقيد بذكره صلى الله عليه وسلم نبيا من الأنبياء كما ثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في حديث [ ص: 214 ] أبي الطويل في قصة موسى مع الخضر وفيه قال: "وكان إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه رحمة الله علينا وعلى أخي كذا، رحمة الله علينا وعلى أخي موسى" الحديث.
فأما دعاؤه لغير الأنبياء فلم ينقل أنه كان يبدأ بنفسه كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في قصة زمزم قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=847175 "يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم - أو قال: لو لم تغرف من الماء - لكانت زمزم عينا معينا".
وفي الصحيحين من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها: nindex.php?page=hadith&LINKID=654650سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في سورة بالليل فقال: "يرحمه الله" الحديث.
[ ص: 215 ] وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري أن الرجل هو nindex.php?page=showalam&ids=4582عباد بن بشر، nindex.php?page=showalam&ids=12070وللبخاري من حديث nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة ابن الأكوع: "من السائق؟ قالوا عامر، قال: يرحمه الله" الحديث.
فظهر بذلك أن بدأه بنفسه في الدعاء كان فيما إذا ذكر نبيا من الأنبياء كما تقدم.
[ ص: 216 ] على أنه قد دعا لبعض الأنبياء ولم يذكر نفسه معه وذلك في الحديث المتفق على صحته من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=847176 "يرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد" الحديث.
وفي الصحيحين أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا: nindex.php?page=hadith&LINKID=655861 "يرحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر".
الأمر الثاني: أن ما نقله عن أهل الحديث من كون الحديث ينقسم إلى هذه [ ص: 217 ] الأقسام الثلاثة ليس بجيد فإن بعضهم يقسمه إلى قسمين فقط: صحيح وضعيف، وقد ذكر المصنف هذا الخلاف في النوع الثاني في التاسع من التفريعات المذكورة فيه، فقال: من أهل الحديث من لا يفرد نوع الحسن ويجعله مندرجا في أنواع الصحيح لاندراجه في أنواع ما يحتج به. قال: وهو الظاهر من كلام nindex.php?page=showalam&ids=14070أبي عبد الله الحاكم في تصرفاته، إلى آخر كلامه فكان ينبغي الاحتراز عن هذا الخلاف هنا.
والجواب أن ما نقله المصنف عن أهل الحديث قد نقله عنهم nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي في خطبة معالم السنن، فقال: اعلموا أن الحديث عند أهله على ثلاثة أقسام: حديث صحيح، وحديث حسن، وحديث سقيم. ولم أر من سبق nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي إلى تقسيمه ذلك، وإن كان في كلام المتقدمين ذكر الحسن، وهو موجود في كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري وجماعة، ولكن nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي نقل التقسيم عن أهل الحديث وهو إمام ثقة، فتبعه المصنف على ذلك هنا، ثم حكى الخلاف في الموضع الذي ذكره فلم يهمل حكاية الخلاف. والله أعلم.