النوع الثامن:
معرفة المقطوع.
وهو غير المنقطع الذي يأتي ذكره إن شاء الله تعالى. ويقال في جمعه: المقاطع والمقاطيع.
وهو ما جاء عن التابعين موقوفا عليهم من أقوالهم أو أفعالهم.
قال في جامعه: "من الحديث: المقطوع". وقال: "المقاطع هي الموقوفات على التابعين" والله أعلم. الخطيب أبو بكر الحافظ
قلت: وقد وجدت التعبير بالمقطوع عن المنقطع غير الموصول في كلام الإمام الشافعي، وغيرهما، والله أعلم. وأبي القاسم الطبراني،
تفريعات:
أحدها: قول الصحابي: "كنا نفعل كذا، أو كنا نقول كذا" إن لم يضفه إلى زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو من قبيل الموقوف، وإن أضافه إلى زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالذي قطع به وغيره من أهل الحديث وغيرهم أن ذلك من قبيل المرفوع. أبو عبد الله بن البيع الحافظ
وبلغني عن أبي بكر البرقاني: أنه سأل الإمام عن ذلك، فأنكر كونه من المرفوع. أبا بكر الإسماعيلي
والأول هو الذي عليه الاعتماد، لأن ظاهر ذلك مشعر بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اطلع على ذلك وقررهم عليه، وتقريره أحد وجوه السنن المرفوعة، فإنها أنواع: منها أقواله صلى الله عليه وسلم، ومنها أفعاله، ومنها تقريره وسكوته عن الإنكار بعد اطلاعه.
ومن هذا القبيل قول الصحابي: "كنا لا نرى بأسا بكذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، أو كان يقال كذا وكذا على عهده" أو "كانوا يفعلون كذا وكذا في حياته صلى الله عليه وسلم". فكل ذلك وشبهه مرفوع مسند، مخرج في كتب المسانيد.
وذكر - فيما رويناه عن الحاكم أبو عبد الله قال: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرعون بابه بالأظافير" أن هذا يتوهمه من ليس من أهل الصنعة مسندا - يعني مرفوعا - لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، وليس بمسند، بل هو موقوف. المغيرة بن شعبة
وذكر أيضا نحو ذلك في جامعه. الخطيب
قلت: بل هو مرفوع كما سبق ذكره. وهو بأن يكون مرفوعا أحرى؛ لكونه أحرى (باطلاعه) صلى الله عليه وسلم عليه. معترف بكون ذلك من قبيل المرفوع، وقد كنا عددنا هذا فيما أخذناه عليه، ثم تأولناه له على أنه أراد أنه ليس بمسند لفظا، بل هو موقوف لفظا، كذلك سائر ما سبق موقوف لفظا، وإنما جعلناه مرفوعا من حيث المعنى، والله أعلم. الثاني: قول الصحابي "أمرنا بكذا" أو "نهينا عن كذا" من نوع المرفوع والمسند عند أصحاب الحديث، وهو قول أكثر أهل العلم، وخالف في ذلك فريق منهم والحاكم والأول هو الصحيح؛ لأن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من إليه الأمر والنهي، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو بكر الإسماعيلي،
وهكذا قول الصحابي: "من السنة كذا" فالأصح أنه مسند مرفوع؛ لأن الظاهر أنه لا يريد به إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يجب اتباعه.
وكذلك قول رضي الله عنه: أنس بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة". وسائر ما جانس ذلك، ولا فرق بين أن يقول ذلك في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بعده صلى الله عليه وسلم. والله أعلم. "أمر
الثالث: ما قيل من أن تفسير الصحابي حديث مسند، فإنما ذلك في تفسير يتعلق بسبب نزول آية يخبر به الصحابي أو نحو ذلك، كقول - رضي الله عنه -: جابر نساؤكم حرث لكم الآية. "كانت اليهود تقول: من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول، فأنزل الله عز وجل:
فأما سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمعدودة في الموقوفات. والله أعلم.
الرابع: من قبيل المرفوع الأحاديث التي قيل في أسانيدها عند ذكر الصحابي: "يرفع الحديث" أو "يبلغ به" أو "ينميه" أو "رواية".
مثال ذلك: عن سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، رواية: "تقاتلون قوما صغار الأعين.." الحديث. أبي هريرة،
وبه عن يبلغ به، قال: "الناس تبع أبي هريرة، لقريش.." الحديث.
فكل ذلك وأمثاله كناية عن رفع الصحابي الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكم ذلك عند أهل العلم حكم المرفوع صريحا.
[ ص: 363 ] [ ص: 364 ] [ ص: 365 ] [ ص: 366 ] [ ص: 367 ]