فصل [ أمر الذي صلى فذا بالإعادة ]
ومن ذلك ظن بعضهم أن أمره صلى الله عليه وسلم لمن بالإعادة على خلاف القياس ; فإن الإمام والمرأة فذان وصلاتهما صحيحة . صلى فذا خلف الصف
وهذا من أفسد القياس وأبطله ; فإن الإمام يسن في حقه التقدم ، وأن يكون وحده ، والمأمومون يسن في حقهم الاصطفاف ، فقياس أحدهما على الآخر من أفسد القياس ، والفرق بينهما أن الإمام إنما جعل ليؤتم به وتشاهد أفعاله وانتقالاته ، فإذا كان قدامهم حصل مقصود الإمامة ، وإذا كان في الصف لم يشاهده إلا من يليه ، ولهذا جاءت السنة بالتقدم ، ولو كانوا ثلاثة ، محافظة على المقصود بالائتمام ، وأما المرأة فإن السنة وقوفها فذة إذا لم يكن هناك امرأة تقف معها ; لأنها منهية عن مصافة الرجال ، فموقفها المشروع أن تكون خلف الصف فذة ، وموقف الرجل المشروع أن يكون في الصف ، فقياس أحدهما على الآخر من أبطل القياس وأفسده ، وهو قياس المشروع على غير المشروع .
فإن قيل : فلو كان معها نساء ووقفت وحدها صحت صلاتها ، قيل : هذا غير مسلم ، بل إذا كان صف النساء فحكم المرأة بالنسبة إليه في كونها فذة كحكم الرجل بالنسبة إلى صف الرجال ، لكن يدل على شيئين : أحدهما أن الرجل إذا لم يجد خلف الصف من يقوم معه وتعذر عليه الدخول في الصف ووقف معه فذا صحت صلاته للحاجة ، وهذا هو القياس المحض ; فإن واجبات الصلاة تسقط بالعجز عنها ; الثاني - وهو طرد هذا القياس - إذا لم يمكنه أن يصلي مع الجماعة إلا قدام الإمام فإنه يصلي قدامه وتصح صلاته ، وكلاهما وجه في مذهب موقف المرأة وحدها خلف صف الرجال ، وهو اختيار أحمد شيخنا رحمه الله .
وبالجملة فليست المصافة أوجب من غيرها ، فإذا سقط ما هو أوجب منها للعذر فهي أولى بالسقوط ، ومن قواعد الشرع الكلية أنه : " لا واجب مع عجز ، ولا حرام مع ضرورة "