ويدخل في هذا القسم التحيل على جلب المنافع وعلى دفع المضار ، وقد ألهم الله تعالى ذلك لكل حيوان ; فلأنواع الحيوانات من أنواع الحيل والمكر ما لا يهتدي إليه بنو آدم .
وليس كلامنا ولا كلام السلف في ذم الحيل متناولا لهذا القسم . بل العاجز من عجز عنه ، والكيس من كان به أفطن وعليه أقدر ، ولا سيما في الحرب فإنها خدعة . والعجز كل العجز ترك هذه الحيلة . والإنسان مندوب إلى استعاذته بالله تعالى من العجز والكسل ; فالعجز عدم القدرة على الحيلة النافعة . والكسل عدم الإرادة لفعلها ; فالعاجز لا يستطيع الحيلة ، والكسلان لا يريدها . ومن لم يحتل وقد أمكنته هذه الحيلة أضاع فرصته وفرط في مصالحه ، كما قال :
إذا المرء لم يحتل وقد جد جده أضاع وقاسى أمره وهو مدبر
.وفي هذا قال بعض السلف : الأمر أمران : أمر فيه حيلة فلا يعجز عنه ، وأمر لا حيلة فيه فلا يجزع منه .