[ ص: 276 ] ] تزويج عبده جارية بعد أن حلف لا يزوجه إياها
المثال الرابع والعشرون : إذا طلب عبده منه أن يزوجه جاريته فحلف بالطلاق ألا يزوجه إياها ، فالحيلة على جواز تزويجه بها ولا يحنث أن يبيعهما جميعا أو يملكهما لمن يثق به ، ثم يزوجهما المشتري ، فإذا فعل ذلك استردهما ولا يحنث ; لأنه لم يزوج أحدهما الآخر ، وإنما فعل ذلك غيره ، وقال : وهذا غير ممتنع على أصلنا ; لأن الصفة قد وجدت في حال زوال ملكه ، فلا يتعلق به حنث ولا يتعلق الحنث باستدامة العقد بعد أن ملكهما ; لأن التزويج عبارة عن العقد وقد تقضى ، وإنما بقي حكمه فلم يحنث باستدامته ، قال : ويفارق هذا إذا القاضي أبو يعلى فإنه يحنث ; لأن الدخول عبارة عن الكون ، وذلك موجود بعد الملك كما كان موجودا في الملك الأول . حلف على عبده لا أدخل هذه الدار فباعه ودخلها ثم ملكه ودخلها بعد ذلك
قال : وقد علق القول في رواية أحمد مهنا في رجل قال لامرأته : " أنت طالق إن رهنت كذا وكذا " فإذا هي قد رهنته قبل اليمين ، فقال : أخاف أن يكون قد حنث ، قال : وهذا محمول على أنه قال : " إن كنت رهنتيه " فيحنث ; لأنه حلف على ماض .
ولا يخفى ما في هذا الحمل من مخالفة ظاهر كلام السائل وكلام الإمام ; أما كلام السائل فظاهر في أنه إنما أراد رهنا تنشئه بعد اليمين فإن أداة الشرط تخلص الفعل الماضي للاستقبال ، فهذا الفعل مستقبل بوضع اللغة والعرف والاستعمال . أحمد
وأما كلام الإمام فإنه لو فهم من السائل ما حمله عليه أحمد لجزم بالحنث ، ولم يقل : " أخاف " فهو إنما يطلق هذه اللفظة فيما عنده فيه نوع توقف . واستقراء أجوبته يدل على ذلك . القاضي
وإنما وجه هذا أنه جعل استدامة الرهن رهنا كاستدامة اللبس والركوب والسكنى والجماع والأكل والشرب ونحو ذلك .
ولما كان لها شبه بهذا وشبه باستدامة النكاح والطيب ونحوهما لم يجزم بالحنث ، بل قال : أخاف أن يكون قد حنث ، والله أعلم .