[ تعليق الفسخ والبراءة بالشروط ]
المثال السابع والثمانون : قال : إذا القاضي أبو يعلى ، فهو جائز ، وقد أبطله قوم آخرون ، قال : أما جواز الصلح من ألف على مائة فالوجه فيه أن التسعمائة لا يستفيدها بعقد الصلح ، وإنما استفادها بعقد المداينة ، وهو العقد السابق ; فعلم أنها ليست مأخوذة على وجه المعاوضة ، وإنما هي على طريق الإبراء عن بعض حقه ، قال : ويفارق هذا إذا كانت له ألف مؤجلة فصالحه على تسعمائة حالة أنه لا يجوز ; لأنه استفاد هذه التسعمائة بعقد الصلح ; لأنه لم يكن مالكا لها حالة ، وإنما كان يملكها مؤجلة ، فلهذا لم يصح . كان لرجل على رجل ألف درهم فصالحه منها على مائة درهم يؤديها إليه في شهر كذا فإن لم يفعل ، وأخرها إلى شهر آخر فعليه مائتان
وأما جوازه على الشرط المذكور ، وهو أنه إن لم يفعل فعليه مائتان - فلأن المصالح إنما علق فسخ البراءة بالشرط ، والفسخ يجوز تعليقه بالشرط ; وإن لم يجز تعليق البراءة بالشرط ، ألا ترى أنه لو قال : " أبيعك هذا الثوب بشرط أن تنقدني الثمن اليوم ، فإن لم تنقدني الثمن اليوم فلا بيع بيننا " إذا لم ينقد الثمن في يومه انفسخ العقد بينهما ، كذلك هاهنا ، ومن لم يجز ذلك يقول : هذا تعليق براءة المال بالشرط ، وذلك لا يجوز ، قال : والوجه في جواز هذا الصلح على مذهب الجميع أن يعجل رب المال حط ثمانمائة يحطها على كل حال ، ثم يصالح المطلوب من المائتين الباقيتين على مائة يؤديها إليه في شهر كذا على أنه إن [ ص: 15 ] أخرها عن هذا الوقت فلا صلح بينهما ، فإذا فعل هذا فقد استوثق في قول الجميع ; لأنه متى صالحه على مائتين ، وقد حط عنه الباقي يصير كأنه لم يكن عليه من الدين إلا مائتا درهم ، ثم صالحه عن المائتين الباقيتين على مائة يؤديها إليه في شهر كذا فإن أخرها فلا صلح بينهما ، فيكون على قول الجميع فسخ العقد معلقا بترك النقد ، وذلك جائز على ما بيناه في البيع .
فإن ، فهي كتابة فاسدة ; لأنه علق إيجاب المال بخطر ، وتعليق المال بالأخطار لا يجوز ، والحيلة في جوازه أن يكاتبه على ألفي درهم ، ويكتب عليه بذلك كتابا ، ثم يصالحه بعد ذلك على ألف درهم يؤديها إليه في سنتين فإن لم يفعل فلا صلح بينهما ، فيكون تعليقا للفسخ بخطر ، وذلك جائز على ما قدمناه من مسألة البيع ; فإن أراد أن يكاتب عبده على ألف درهم يؤديها إليه في سنتين فإن لم يفعل فعليه ألف أخرى ; فإن ذلك جائز عندنا ، ويبطله غيرنا ، انتهى كلامه . كان السيد كاتب عبده على ألفي درهم إلى سنتين فأراد العبد أن يصالح سيده على النصف يعجلها له