[ إيداع الشهادة ]
ونظير هذه الحيلة وصورتها أن يقول له الخصم : لا أقر لك حتى تبرئني من نصف الدين أو ثلثه ، وأشهد عليك أنك لا تستحق علي بعد ذلك شيئا ، فيأتي صاحب الحق إلى رجلين فيقول : اشهدا أني على طلب حقي كله من فلان ، وأني لم أبرئه من شيء منه ، وأني أريد أن أظهر مصالحته على بعضه ; لأتوصل بالصلح إلى أخذ بعض حقي ، وأني إذا أشهدت أني لا أستحق عليه سوى ما صالحني عليه فهو إشهاد باطل ، وأني إنما أشهدت على ذلك توصلا إلى أخذ بعض حقي ; فهذه تعرف بمسألة إيداع الشهادة ; فإذا فعل ذلك جاز له أن يدعي بقاءه على حقه ، ويقيم الشهادة بذلك ، هذا مذهب حيلة إيداع الشهادة ، وهو مطرد على قياس مذهب مالك وجار على أصوله . أحمد
فإن له التوصل إلى حقه بكل [ ص: 25 ] طريق جائز ، بل لا يقتضي المذهب غير ذلك ، فإن هذا مظلوم توصل إلى أخذ حقه بطريق لم يسقط بها حقا لأحد ، ولم يأخذ بها ما لا يحل له أخذه ; فلا خرج بها من حق ، ولا دخل بها في باطل .
ونظير هذا أن ، فطريق الحيلة أن تشهد على نفسها أنها ليست امرأة فلان ، وأني أريد أن أقر له بالزوجية إقرارا كاذبا لا حقيقة له ; لأتوصل بذلك إلى أخذ مالي عنده ، فاشهدوا أن إقراري بالزوجية باطل أتوصل به إلى أخذ حقي . يكون للمرأة على رجل حق ، فيجحده ويأبى أن يقر به حتى تقر له بالزوجية
ونظيره أيضا أن ، وأنه قد أبرأه من جميع ما له في ذمته منها ، أو أنه وهب له جميع ما يخصه منها ، أو أنه قبضه أو اعتاض عنه أو نحو ذلك ، فيودع الشهادة عدلين أنه باق على حقه ، وأنه يظهر ذلك الإقرار توصلا إلى إقرار أخيه بنسبه ، وأنه لم يأخذ من ميراث أبيه شيئا ، ولا أبرأ أخاه ، ولا عاوضه ، ولا وهبه . ينكر نسب أخيه ، ويأبى أن يقر له به حتى يشهد أنه لا يستحق في تركة أبيه شيئا