[ ] الفائدة الرابعة والثلاثون : حكم العامي الذي لا يجد من يفتيه عن حكمها ففيه طريقان للناس ، أحدهما : أن له حكم ما قبل الشرع ، على الخلاف في الحظر والإباحة والوقف ; لأن عدم المرشد في حقه بمنزلة عدم المرشد بالنسبة إلى الأمة . ( إذا نزلت بالعامي نازلة وهو في مكان لا يجد من يسأله )
والطريقة الثانية : أنه يخرج على الخلاف في مسألة تعارض الأدلة عند المجتهد ، هل يعمل بالأخف أو بالأشد أو يتخير ؟ والصواب أنه يجب عليه أن يتقي الله ما استطاع ، ويتحرى الحق بجهده ومعرفة مثله ، وقد نصب الله تعالى على الحق أمارات كثيرة ، ولم يسو الله سبحانه وتعالى بين ما يحبه وبين ما يسخطه من كل وجه بحيث لا يتميز هذا من هذا ، ولا بد أن تكون الفطر السليمة ; مائلة إلى الحق ، مؤثرة له ، ولا بد أن يقوم لها عليه بعض الأمارات المرجحة ولو بمنام أو بإلهام ، فإن قدر ارتفاع ذلك كله وعدمت في حقه جميع الأمارات فهنا يسقط التكليف عنه في حكم هذه النازلة ، ويصير بالنسبة إليها كمن لم تبلغه الدعوة ، وإن [ ص: 169 ] كان مكلفا بالنسبة إلى غيره ; فأحكام التكليف تتفاوت بحسب التمكن من العلم والقدرة ، والله أعلم .