مسألة يدخل النسخ في كل حكم شرعي ، خلافا يدخل النسخ في جميع الأحكام الشرعية للمعتزلة فيما حسنه وقبحه ذاتي أو لازم له كالظلم والكذب . ووافقهم الصيرفي كما رأيته في كتابه . فقال : الأشياء في العقود على ثلاثة أضرب : أحدها : واجب لا يجوز النهي عنه ، وهو الاعتراف للمنعم بالإحسان ، وللخالق بالتعظيم ، واعتقاد توحيده .
والثاني : محظور لا تجوز إباحته كإباحة الكذب والظلم ونحوه . [ ص: 243 ]
والثالث : ما يجوز أن يأتي العباد به ، ويجوز أن لا يأتوا ، وهذا هو الذي يقع فيه النسخ كالصلاة ، والصيام ، والزكاة ونحوها ، لأن النهي عنه والأمر به لا يدفعه العقل ، فجاز أن يوقعه الله في زمان دون زمان ، وفي مكان دون مكان ، لأنه يجوز أن لا يأتي به ألبتة ، ولا يقع النسخ في غير ذلك ، ولا يجوز أن يقع النسخ في التوحيد ، ولا في صفة من صفاته ، هذا لفظه .
وهكذا قال في كتابه : لا يجوز أبو إسحاق المروزي ، وما أمر به من الاعتراف بربوبيته ، والامتثال لأمره ، والاتباع لرسله ، والكفر بالشيطان وأوليائه ، ولا في صفات الله . ا هـ . وقد سبق مثله عن النسخ في توحيد الله سليم .
واتفق الكل على جواز زوال التكاليف بأسرها عن المكلف لزوال شرطه كالعقل ، وأنه لا يجوز أن ينهى الله المكلف عن معرفته سبحانه إلا إذا جوزنا تكليف ما لا يطاق . واختلفوا في زوالها بالنسخ فمنعه المعتزلة ، والغزالي ، لأنه يتضمن التكليف بمعرفة الناسخ ، وهو ظاهر كلام المتولي والرافعي حيث ذكرا فيه لو علق الطلاق على ما يستحيل شرعا كما لو قال : إن نسخ وجوب المكتوبات الخمس أو صوم رمضان فأنت طالق أنه يقع في الحال . والمختار عند جوازه ، لأنها أحكام كغيرها ، لكن أكثر أصحابنا كما ذكرنا على المنع . . ابن الحاجب