التفسير:
ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن أي: ذو أذن، يصغي إلى كل أحد، عن قوله تعالى: ابن عباس، وغيرهما. ومجاهد،
وقوله تعالى: قل أذن خير لكم : [أي: هو أذن خير لكم]، لا أذن شر؛ أي: يسمع الخير، ولا يسمع الشر.
[ ص: 274 ] يؤمن بالله أي: فهو يعمل بالحق؛ لإيمانه بالله تعالى.
ويؤمن للمؤمنين أي: يصدقهم، عن فأعلم الله تعالى أنه يصدق المؤمنين، ولا يصدق المنافقين. ابن عباس؛
وقيل: إن دخول اللام في قوله: {للمؤمنين} كدخولها في قوله: ردف لكم [النمل: 72]، وقد تقدم القول في نظائره.
هؤلاء قوم ذكروا النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا: نقول فيه، ثم نحلف؛ فيصدقنا؛ فنزلت الآية فيهم. مجاهد:
وقيل: إن قائل ذلك نبتل بن الحارث؛ وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن ينظر إلى الشيطان؛ فلينظر إلى نبتل بن الحارث"، وروي: أنه كان جسيما، ثائر شعر الرأس واللحية، أسفع الخدين، أحمر العينين.
وقوله تعالى: والله ورسوله أحق أن يرضوه : مذكور في الإعراب.
ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله أي: يعاديه، فيكون في حد غير حده؛ فأن له نار جهنم أي: فله نار جهنم، و (أن) تكرير، وقيل: التقدير: فلأن له نار جهنم.
[ ص: 275 ] وقوله تعالى: يحذر المنافقون أن تنـزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم : هذا خبر عن المنافقين، عن الحسن وقال ومجاهد، معناه: ليحذر؛ فهو أمر في اللفظ، وتهدد في المعنى. الزجاج:
وقوله: ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب : نزلت في أربعة نفر، رآهم النبي صلى الله عليه وسلم في رجوعه من تبوك يسيرون بين يديه وهم يضحكون، فنزل عليه الوحي بأنهم يستهزئون بالله ورسوله، فبعث وقال له: "أدركهم قبل أن يحترقوا، وسلهم: مم يضحكون؟ فإنهم سيقولون: مما يخوض فيه الركب"، فلحقهم، وسألهم، فقالوا له ذلك، وكان يسايرهم رجل لم يخض معهم، ولم ينههم، وهو المراد في قوله: عمار بن ياسر، إن نعف عن طائفة منكم ، والآخرون هم الذين قال فيهم: نعذب طائفة ، وجاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعتذرون؛ فأنزل الله تعالى: لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم الآية.
وروي: أن اسم المعفو عنه: مخشي بن حمير الأشجعي.
وقوله تعالى: المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض : قيل: هذا متصل بقوله تعالى: ويحلفون بالله إنهم لمنكم ؛ فالمعنى: بعضهم من بعض في [ ص: 276 ] اجتماعهم على النفاق و يأمرون بالمنكر أي: بالكفر، وينهون عن المعروف أي: عن الإيمان.
ويقبضون أيديهم أي: عن الإنفاق في سبيل الله، عن مجاهد، والحسن.
عن كل خير. قتادة:
نسوا الله فنسيهم أي: تركوا أمره؛ فتركهم من رحمته.
وقوله تعالى: وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار : [فرق بين المنافقين والكفار]، مع كون كل نفاق كفرا؛ ليعلم أن المراد: من دخل في الإسلام بظاهره دون باطنه، ومن لم يدخل فيه.
هي حسبهم أي: كافية ذنوبهم، وجزاء أعمالهم.
ولهم عذاب مقيم أي: دائم لا يزول.
وقوله تعالى: كالذين من قبلكم : التشبيه واقع على المنافقين، شبهوا بمن كان قبلهم من الكفار.
المعنى: تستهزئون كاستهزاء الذين من قبلكم. الطبري:
فاستمتعوا بخلاقهم أي: بنصيبهم في الدنيا، بذنوبهم. قتادة:
وخضتم كالذي خاضوا أي: خضتم في الباطل، وهو خروج من الغيبة [ ص: 277 ] إلى الخطاب.