[ ص: 384 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الممتحنة
القول في جميعها
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم . وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم [ ص: 385 ] وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور .
الأحكام والنسخ :
قوله : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة القول فيه كالقول فيما تقدم من أمثاله مما فيه ، والآية نزلت في النهي عن موالاة الكفار حاطب ، على ما قدمناه من خبره في مكاتبة أهل مكة .
قوله : قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه يعني : في تبرئه من الكفار .
وقوله : إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك أي : فلا تتأسوا به في الاستغفار ، [قاله وغيره ، وقيل : إن معنى الاستثناء : أن مجاهد إبراهيم هجر قومه وباعدهم [ ص: 386 ] إلا في الاستغفار] .
لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين الآيتين :
قال : هي منسوخة بقوله : قتادة فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [التوبة : 5] . وقوله :
وقيل : هي مخصوصة في حلفاء النبي عليه الصلاة والسلام ، ومن بينه وبينه عهد لم ينقضه ، قاله ، وقال : هم الحسن خزاعة ، وبنو الحارث بن عبد مناف ، وقاله أبو صالح ، [وقال : هم خزاعة] .
وقال : هي مخصوصة في الذين آمنوا ولم يهاجروا . مجاهد
وقال أكثر أهل التأويل : هي محكمة ، واحتجوا بأن رضي الله عنه سألت النبي عليه الصلاة والسلام : هل تصل أمها حين قدمت عليها مشركة؟ فقال : "نعم" ، وقيل : إن الآية فيها نزلت . أسماء بنت أبي بكر الصديق