فصل [في من تعدى على الطريق بضم بعضه]
وأما ما يكون بين الديار من الرحاب والشوارع فيأخذ أحدهم منه إلى داره ، فإن كان ذلك مما يضر بالمارة وبأهل الموضع منع منه ، وإن فعل هدم عليه.
واختلف إذا كان لا يضر فروي عن الجواز، والكراهة، فإن نزل مضى ولم يهدم، وهو ظاهر قول مالك ابن القاسم وذهب وأصبغ، مطرف وابن الماجشون إلى المنع وإن تهدم ، واختلف فيه عن وسحنون فكرهه [ ص: 3294 ] مرة، ومنعه أخرى وقال: يهدم . أشهب
واحتج من قال بالهدم بالحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: . وأن "من اقتطع من طريق المسلمين وأفنيتهم شبرا طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين" - رضي الله عنه - مر بكير حداد في السوق فأمر بهدمه، وقال: يضيقون على الناس. عمر بن الخطاب
واحتج من أجازه بحديث قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبي هريرة، أخرجه "إذا تشاحوا في الطريق فسبعة أذرع"، البخاري . ومسلم
وليس الحديث الأول في الصحيح، ولو صح لكان الحكم الهدم، وأما حديث فيحتمل أن يكون المراد إذا تشاحوا في وقت بناء الدار، في الأصل ليس إذا استقر ذلك، وحيزت الطرق بالانتفاع للتصرف وغيره، [ ص: 3295 ] والأمر فيها أشكل; لأنه لا يدري هل ترك ذلك الاتساع حين بنيت الديار لانتفاع المارة وغيرهم، فتكون أحباسا لا تغير لجواز الناس عليها، ولأن البيع تداول تلك الديار على أنها على تلك الحال فتهدم على من فعله، أو يكون ترك لما كان له من دواب أو للتحمل أو لحاجة لهم تخصهم، فيجوز لهم تغييرها، وإذا احتمل الوجهين لم يفعل ابتداء، لإمكان أن يكون حبسا، وإن فعل لم يهدم لإمكان أن يكون القصد تركها للناس، ولا يكون المراد لمنافع تخصهم. أبي هريرة
تم كتاب حريم الآبار والأنهار من التبصرة والحمد لله حق حمده [ ص: 3296 ]