فصل [في شفعة الغائب]
وقال محمد في الغائب: إن كانت غيبة قريبة لا مؤنة عليه في الشخوص فهو كالحاضر، وقال غيره: ليس المرأة والضعيف، ومن لا يستطيع النهوض مثل غيرهم ، وإنما في هذا اجتهاد السلطان . [ ص: 3324 ]
قال الشيخ : وليس من يعلم منه الاجتهاد في رباعه التي غاب عنها وعقد الأكرية والاقتضاء بالمكاتبة وهو على مثل اليومين، بمنزلة غيره ممن يعلم منه التراخي في أموره، وإذا بعدت الغيبة فإنها لا تخلو من أربعة أوجه: إما أن يكون الغائب الشفيع وحده أو المشتري أو كلاهما وهما ببلد واحد أو متفرقين، فإن كان الشفيع هو الغائب كان على شفعته بعد القدوم، وإن كان حاضرا ثم غاب وعاد قبل مضي أمد الشفعة أو منعه أمر من العودة حتى مضت السنة فهو على شفعته بعد أن يحلف، وإن كان سفرا بعيدا لا يرجع حتى تمضي السنة سقطت الشفعة، وإن عاد عن قرب لأمر عن التمادي فإن ذلك سواء فلا شفعة; لأن سفره بمثل ذلك الموضع رضا بإسقاط الشفعة ، وإن كان الغائب المشتري والشفيع حاضر كان على شفعته حتى يقدم المشتري، قال محمد: ولو اشترى ذلك وكيل [ ص: 3325 ] الغائب والوكيل يكري ويهدم ويبني بحضرة الشفيع كان على شفعته لموضع العذر واستثقال اختلاف الناس إلى القضاة، وأن المرء ربما ترك حقه إذا لم يأخذه إلا بالسلطان .
قال الشيخ : وقوله يحسن فيمن يعلم منه ذلك، فأما من يعلم منه الطلب والدخول إلى القضاة فلم يأخذ من الوكيل حتى مضت السنة فلا شفعة له إلا أن يكون في الوكالة تسليم الشفعة، وتشهد ذلك ببينة عادلة حاضرة فلا تكون له شفعة، وإن كانا مجتمعين في مدينة وغائبين عن موضع الشقص فلم يأخذ حتى مضت السنة فلا شفعة له ، قال محمد: وإنما ينظر في حضور الشفيع مع المشتري ولا ينظر إلى غيبة الدار ; لأنه يأخذ على مثل ما اشترى عليه المشتري على الصفة، وإن قال: أخروني حتى أراه لم يكن ذلك له إلا أن يكون الشقص على ساعة من النهار. [ ص: 3326 ]