فصل [فيمن حلف بعتق عبده ليضربنه]
ومن ، فإن كانت يمينه لجناية جناها العبد ، ولم يسم عددا ، جاز له أن يضربه بقدر جنايته . وكذلك إذا سمى عددا بقدر جنايته أو جاوز ذلك بالشيء اليسير; لأن الغالب من العبد أنه لا يخلو من تقصير لما يجب لسيده ، فإن جاوز ذلك بالعدد الكثير لم يمكن من ضربه ، وإن لم يجن جناية ، فإن كانت يمينه بفور ملكه لم يمكن من ضربه وإن قل ، وإن طال مكثه في يديه لم يحنث ومكن من ضربه إذا كان يسيرا ، لما تقدم أن [ ص: 3732 ] الغالب أن لسيده عليه في تلك المدة مطالبة ، وإن سمى عددا كثيرا ، لم يمكن من ضربه . فإن كان ضرب أجلا كان حرا بمضي ذلك الأجل ، وإن لم يكن ضرب أجلا وكانت نيته المبادرة ، فإنه يحنث إذا مضى ما لا يتأخر إليه ، وإن لم تكن له نية لم يعتق عليه; لأنه لا يحنث إلا بموت نفسه فيعتق من الثلث ، وإذا ضرب أجلا ثم قال بعد مضي ذلك الأجل : كنت ضربته ، فإن صدقه العبد ، لم يعتق عليه ، وإن خالفه كان القول قول السيد مع يمينه أنه ضربه . حلف بعتق عبده ليضربنه
قال في كتاب مالك محمد : وليس عليه أن يحضر هذا شهودا كما عليه أن يحضرهم في الحد . قال : وكذلك الزوجة يحلف زوجها ليضربنها ، مثل العبد سواء .
قال : ولو مات السيد قبل أن يذكر أنه ضربه ولم يعلم ذلك كان العبد حرا من الثلث ، وأما المرأة فهي ترث زوجها على كل حال . قال ابن القاسم محمد : لا يعجبني قوله : إنه من الثلث; لأنه ضرب أجلا شهرا ، فإن مات قبل الأجل لم يكن عليه شيء ، وإن مات بعد الأجل كان حرا من رأس المال إلا أن يكون مرض قبل الشهر . وقال فيمن حلف لزوجته بالطلاق : لا خرجت إلا بإذنك أو لا فعلت كذا إلا برضاك ، ففعل فقامت عليه البينة ، فقال : أذنت لي ، وقالت : لم آذن ، قال : فهي طالق ، وهي مثل الدين ، وإن [ ص: 3733 ] صدقته لم يكن لي بد من أن أحلفه ، فصدقه في الضرب بخلاف الدين لوجهين ، وذلك أن الضرب حق له وأن الشأن ألا يشهد فيه والدين حق عليه ، فكان القول قول من له الحق إنه لم يأخذه ، ولأن الشأن عنده الإشهاد فيه ولم يصدقه في قوله : أذنت لي; لأن ذلك صار حقا لها ، فالقول قولها إنها لم تعطه ذلك الحق وهو مدع عليها في عطيتها ، فإن صدقته لم تطلق عليه; لأن الشأن ألا يشهد على ذلك ، وكذلك ما كان من الديون يقضى بغير بينة ، وإن صدقه صاحب الدين في القضاء ، لم تطلق عليه; لأن القول قول من له الحق إنه لم يقضه ، وقول أصبغ فإن كانت العادة القضاء بغير بينة مثل عادات الناس اليوم في البز وغيره إنهم يتبايعون ولا يشهدون على بيع ولا على قضاء ، فإن اختلفوا في الدفع كان القول قول من له الدين إنه لم يقضه . ابن القاسم
وقول : إذا مضى الأجل ، ثم مات قبل أن يسأل هل ضربه أم لا؟ : إنه من الثلث- أحسن ، ولم يجعله من رأس المال لإمكان أن يكون ضربه فيكون رقيقا ، ولم يرقه ، لإمكان أن يكون لم يضربه ، فلما أشكل أمره جعله من الثلث . [ ص: 3734 ] ابن القاسم