باب فيمن تصح منه الذكاة
وهذه جملة متفق عليها. الذكاة تصح من مسلم بالغ عاقل غير مضيع لصلواته، ومن كتابي ذبح لنفسه، ولا تصح من خمس: صغير لا يميز معنى العبادات، ومجنون، وسكران ذاهب العقل، ومجوسي.
واختلف في ذكاة أربع: البالغ إذا كان مضيعا لصلواته، والصبي إذا لم يحتلم، والمرأة، والكتابي يوكله المسلم على أن يذبح له. فأجاز ذبائحهم . وقال في كتاب مالك : لا تؤكل ابن حبيب ولا ذبيحة الذي يضيعها ويعرف بالتهاون بها; لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال: ذبيحة الذي يدع الصلاة، . "ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة، فمن ترك الصلاة فقد كفر"
وقال في كتاب مالك محمد : تكره من غير ضرورة، وتؤكل إن فعلا . وقال ذبيحة الصبي والمرأة لا أحب أكل ذبيحة الغلام إذا لم يحتلم، ولا ذبيحة المرأة. وإن ذبحا في حال الضرورة; فلا أحب ذلك أيضا. أبو مصعب:
وروى عن ابن أبي أويس في المبسوط في مالك فقال: لا، إنما يحل لي آكل طعامه. وأما شيء بيدي ملكه [ ص: 1534 ] أوليه إياه فلا . النصراني يوليه المسلم أن يذبح له،
قال الشيخ - رضي الله عنه -: الذكاة تعبد تفتقر إلى نية، فلو رمى رجل شاة بسكين ففرى الأوداج والحلقوم، وهو لا يريد الذكاة; لم تؤكل لعدم النية. وإذا كان ذلك لم تصح من مجنون ولا سكران، ولا صغير لا ميز عنده، وتصح إذا كان عنده ميز. قال ذكاة فاقد العقل : إذا أطاق الذبح وعرفه . مالك
وتجوز ذبيحة المرأة للحديث: - رضي الله عنه - كانت ترعى غنما بسلع، فأبصرت بشاة موتا، فأدركتها فذكتها بحجر، فسئل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "كلوها" لكعب بن مالك أخرجه أن أمة البخاري . ومسلم
وفي هذا الحديث خمس فوائد: جواز ذكاة النساء، والإماء، والذكاة بالحجر، وذكاة ما أشرف على الموت، وذكاة غير المالك بغير وكالة.
وأرى أن تؤكل ذبيحة من يترك الصلاة; لأنه مسلم. ومعنى الحديث: أنه ليس بينه وبين أن تجري عليه أحكام الكفر، فيستباح دمه، إلا ترك الصلاة. ولا يكون كافرا إلا بالجهل بالمعرفة. وترك الصلاة لا يزيل المعرفة من القلب. ولم تحرم ذكاة الكتابي لقول الله سبحانه: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم [المائدة: 5]. يعني: ذبائحهم. ومنع ذكاة المجوسي بهذه الآية على من قال بدليل الخطاب، وبقوله: ولا تأكلوا مما لم يذكر [ ص: 1535 ] اسم الله عليه [الأنعام: 121].