باب ما يستحب من الأضاحي وما يتقى من العيوب فيها
ويستحب أن تستفره الأضحية; لقول الله سبحانه: وفديناه بذبح عظيم [الصافات: 107]; ولأنها قربة فيستحب أن تكون من أعلى المكاسب لقول الله -عز وجل-: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون [آل عمران: 92] وقياسا على العتق في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد ، ولقوله: سئل أي الرقاب أفضل؟ فقال: "أعلاها ثمنا" . "لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم"
وقال - رضي الله عنه - لبنيه: يا بني، لا يهدين أحدكم، ولا يضحين بشيء يستحي أن يهديه لكريمه ، فإن الله أكرم الكرماء، وأحق من اختير له . عروة بن الزبير
وقال - رضي الله عنهما -: فإن لله الصفاء والخيار . ابن عمر
وتجتنب العيوب يسيرها وكثيرها، والسلامة أفضل. فإن نزل; أجزأ إذا [ ص: 1576 ] كان يسيرا، ولم يجزئ إن كان كثيرا، والأصل في ذلك: حديث - رضي الله عنه - قال: البراء بن عازب . سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يتقى من الضحايا؟ فأشار بيده، وقال: "أربع: العرجاء البين ظلعها، والعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقي"
واختلف إذا كان العيب كثيرا من سوى هذه الأربع، فالمعروف من المذهب في المدونة وكتاب محمد وغيرهما: أنه لا يجزئ; قياسا على الأربع . وابن حبيب
وقال أبو الحسن ابن القصار وغيرهما من وابن الجلاب البغداديين : إنها تجزئ، وقصروا عدم الإجزاء على ما ورد في الحديث .
والأول أحسن; لأن المراد اجتناب ما له قدر من العيوب.
والعيب على ضربين: عيب يكون بجميع الجسم، كالمرض والعجف، والجرب، والبشم، والهرم والجنون. [ ص: 1577 ]
والثاني: ما يكون ببعضها بالعين والأذن والقرن والفم من ذهاب أسنان أو بكم أو نثر، وبالصدع والذنب واليد والرجل. فأما ما يكون بجميع جسدها من المرض والعجف البين- فقد أحكمته السنة.
واختلف في معنى: "التي لا تنقي"، فقيل النقي: الشحم، فإن لم يكن بها شحم لم تجزئ ، وهو قول ، وقيل: التي لا مخ فيها; فعلى هذا إذا كانت في أول ذهاب شحمها، وهي قوية لم يقل مخها تجزئ. ابن حبيب
ولا تجزئ في الجرب البين; لأنه يفسد اللحم، ولا البشمة; لأنه يفسد لذلك لحمها أيضا، وهي كالمريضة التي تشرف على الموت، إلا أن يكون خفيفا.
وقال في كتاب مالك محمد : تجزئ الهرمة . قال : ما لم يكن هرما بينا . وأما الجنون، فإن كان لازما لم يجزئ، ولا يتقرب إلى الله -عز وجل- بمثل هذه، وإن كان يعرض المرة ثم يذهب، فذلك خفيف. [ ص: 1578 ] أصبغ