باب في نكاح المتعة، والنهارية، ومن أحل أمته، والنكاح على خيار، وفي هزل النكاح
محرم لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: نكاح المتعة . أخرجه "كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء ، وإن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده شيء منهن فليخل سبيلها، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا" . وقال مسلم : سلمة بن الأكوع . وقد تضمن هذان الحديثان تقدم الإباحة ثم النسخ. "رخص لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام أوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها"
وقال - رضي الله عنه -: لو كنت تقدمت في ذلك لرجمت . وثبت عن عمر رجوعه عنها . [ ص: 1858 ] ابن عباس
وقال : هو الزنا الصراح . وقيل: ليس بزنا وما أحل النبي - صلى الله عليه وسلم - الزنا بحال. عروة
ونكاح المتعة: ما وقت بأجل; يوم أو شهر أو سنة، بشرط من المرأة أو الرجل يفسخ قبل الدخول وبعده بغير طلاق.
ويختلف في الصداق هل لها المسمى أو صداق المثل. والمسمى أحسن; لأن الفساد في العقد لا في الصداق. ولو قيل: صداق المثل إلى المدة التي ضرباها; لكان وجها، فيقوم على الوجه الفاسد كما لو كان يجوز كما تقوم الثمرة والزرع على مستهلكه، ولا تعطى صداق المثل كالمؤبد، وإنما يقوم المبيع على قدر ما بيع منه، فليس بائع بعض منافعه كمن باع جملة منافعه.
وإن تزوج المسافر امرأة ليستمتع بها ويفارقها إذا سافر كان نكاحه على ثلاثة أوجه: فإن شرطا ذلك كان فاسدا، وهو نكاح متعة.
واختلف إذا فهمت ذلك ولم يشترطا . قال محمد : النكاح باطل وهو متعة. وروى عن ابن وهب جوازه، فقال: إنما يكره الذي ينكحها على ألا يقيم، وعلى ذلك يأتيها. وروى عنه مالك أنه قال: إن أخبرها قبل أن [ ص: 1859 ] ينكح، ثم أراد إمساكها فلا يقيم عليها، وليفارقها فالأول شرط، والثاني فهمت عنه، والثالث أخبرها، فهو شبيه بالشرط. أشهب
وقال : إن تزوج من تزوج لعزبة، أو هوى ليقضي إربه ويفارق فلا بأس، ولا أحسب إلا أن من النساء من لو علمت بذلك ما رضيت. فأجرى الأول مجرى المتعة وإن كانا دخلا على أن فيه طلاقا بيد الزوج; لأن من حق المرأة إذا أتى سفره أو ذهب قدره وأراد الإقامة - أنها تقوم بالفراق; لأنها تقول: لم أبع إلا منافع مدة معلومة; فلا حق علي في غيرها. وليس كذلك إذا فهمت ذلك من غير شرط; لأن المرأة ترجو أن تحسن عنده وتوافقه، فلا يفارقها، وكذلك الزوج يقول: إن اطلعت على ما يغتبط به أمسكت. وكذلك إن تزوجها لهوى فإن شرط وأعلمها أنه يقصد وقتا، ثم يفارق فسد، وإن فهمت، أو كتمها جاز. مالك
قال : مالك وبالعراق النهارية تتزوج على أن لا تأتيه، أو لا يأتيها إلا نهارا، أو لا تأتيه إلا ليلا، فلا خير فيه. وقال : ويفسخ ما لم يدخل، فإن دخل ثبت ولها صداق المثل، ويسقط الشرط، وعليه أن يأتيها ليلا ونهارا . وفارق عنده نكاح المتعة وإن دخل على أنه يصيب في أحد الزمنين; لأنه دخل على أن ذلك بيده حتى يموت، أو تموت، أو يطلق. [ ص: 1860 ] ابن القاسم