باب في الجمع بين الأختين
ولا يجوز أن يجمع بين الأختين بنكاح، ولا بملك يمين، ولا أن تكون إحداهما بنكاح، والأخرى بملك يمين.
فإذا - فسخ نكاح الأخيرة، وثبت نكاح الأولى، وسواء دخل بالثانية أو لم يدخل، بخلاف الأم والبنت؛ فإن دخوله بالأخيرة يفسد عقد الأولى، كانت الأخيرة الأم أو البنت. تزوج أختين في عقدين
وإن لم يعلم الأولى من الأختين- فسخ النكاحان جميعا. قال في "كتاب محمد": ولكل واحدة نصف صداقها. مالك
وقال فإن مات عنهما، كان لكل واحدة نصف صداقها، والميراث. ابن حبيب:
وهذا إذا قال الزوج: لا علم عندي، وقالت كل واحدة: أنا الأولى، فاختلف في هذا الأصل، فقيل: لكل واحدة صداقها؛ لأنه لا يدعي كذبها، فإن قيم عليه في الحياة- أعطى كل واحدة نصف صداقها، وإن قال: لا علم عندي، ثم لم يطلق حتى مات- كان لكل واحدة جميع المسمى، والميراث بينهما. [ ص: 2083 ]
وقيل: عليه نصف واحد في الحياة، وفي الموت صداق واحد كامل يقتسمانه، وتحلف كل واحدة لصاحبتها أنها الأولى، فإن حلفت إحداهما، ونكلت الأخرى- كان الصداق لمن حلف منهما.
وهو أقيس في هذه، وفي مسألة الوديعة- إذا أودع رجل مائة، فادعاها رجلان، ولم يعلم لمن هي منهما.
فالمسألة على سبعة أوجه: فإما أن يقول الزوج: لا علم عندي، وتدعي كل واحدة العلم بأنها الأولى، ولا علم عند جميعهم أيهما الأولى.
أو تدعي واحدة أنها الأولى، وتقول الأخرى: لا علم عندي.
أو يدعي الزوج العلم دونهما، وتقول كل واحدة: لا علم عندي.
أو تخالفه كل واحدة منهما وتقول: بل أنا الأولى، أو تخالفه إحداهما، وتقول الأخرى: لا علم عندي.
أو لا يكون عند جميعهم علم.
وقد تقدم الجواب إذا قال الزوج: لا علم عندي، وادعت كل واحدة منهما أنها الأولى.
وإن ادعت إحداهما العلم، وقالت الأخرى: لا علم عندي- حلفت التي [ ص: 2084 ] ادعت العلم واستحقت النصف، ولا شيء للأخرى، فإن نكلت اقتسماه.
وإن ادعى الزوج وحده العلم- غرم للتي اعترف لها نصف صداقها، وأحلف للأخرى وبرئ، فإن نكل؛ غرم لها نصف صداقها.
وإن ادعى جميعهم العلم -الزوج والأختان- كان الجواب كالتي قبلها، تأخذ التي أقر لها بغير يمين، ويحلف الزوج للأخرى ويبرأ، فإن نكل حلفت التي أنكرها واستحقت، وإنما تخالف هذه التي قبلها في رد اليمين.
فإن ادعى الزوج الجهل بالأولى- فسخ النكاحان جميعا، ولا ينظر إلى ما عند الأختين من علم أو جهل.
ويختلف إذا ادعى الزوج المعرفة، وقال: هذه الأولى، فقال محمد: يصدق، ويفارق التي قال: إنها الآخرة.
وعلى أصل المدونة: لا يصدق، ويفسخ النكاحان جميعا، كالمرأة يتزوجها رجلان، ولا يعلم الأول، وتقول المرأة هذا الأول.
وأرى أن يصدق أن هذه الأولى؛ لأن المنع يبيحها للآخر بالشك، فكان بقاؤها مع من يدعي التحقيق أنها الأولى أحسن، إلا أن يكون دليل تهمة، مثل أن يدعي ذات الجمال واليسار، فيتهم في تقدمتها؛ لأن الغالب إذا تقدم نكاح الموسرة الجميلة لا يتزوج الأخرى إلا بسبب.
وإن شهدت البينة عليه بالنكاحين أقر بإحداهما وكذب الأخرى- يفسخ [ ص: 2085 ] النكاحان، بخلاف التي قبل؛ لأنه إذا أقر بالنكاحين وادعى المعرفة بإحداهما- صدق؛ لأنه لا بد أن يكون إحداهما دون الأخرى، بخلاف أن ينكر؛ لأن التي أنكرها يمكن أن تكون هي الأولى.