وأما التألم فهو ضروري وذلك يضاهي فرحك عند الحاجة إلى الحجامة بمن يتولى حجامتك مجانا أو يسقيك دواء نافعا بشعا : مجانا فإنك تتألم وتفرح فتصبر على الألم وتشكره على سبب الفرح ، فكل بلاء في الأمور الدنيوية مثاله الدواء الذي يؤلم في الحال وينفع في المآل بل من دخل دار ملك للنضارة : وعلم أنه يخرج منها لا محالة فرأى وجها حسنا لا يخرج معه من الدار كان ذلك وبالا وبلاء عليه ، لأنه يورثه الأنس بمنزل لا يمكنه المقام فيه ، ولو كان عليه في المقام خطر من أن يطلع عليه الملك فيعذبه فأصابه ما يكره حتى نفره عن المقام كان ذلك نعمة عليه والدنيا منزل وقد دخلها الناس من باب الرحم وهم خارجون عنها من باب اللحد ، فكل ما يحقق أنسهم بالمنزل فهو بلاء ، وكل ما يزعج قلوبهم عنها ويقطع أنسهم بها فهو نعمة ، فمن عرف هذا تصور منه أن يشكر على ، البلايا ومن لم يعرف هذه النعم في البلاء لم يتصور منه الشكر لأن الشكر يتبع معرفة النعمة بالضرورة
ومن لا يؤمن بأن ثواب المصيبة أكبر من المصيبة لم يتصور منه الشكر على المصيبة وحكي أن أعرابيا عزى على أبيه فقال : ابن عباس
اصبر نكن بك صابرين فإنما صبر الرعية بعد صبر الراس خير من العباس أجرك بعده
والله خير منك للعباس
.