وقال مالك بن دينار بينما أنا أطوف بالبيت ؛ ؛ إذ أنا بجويرية متعبدة متعلقة بأستار الكعبة وهي تقول : يا رب كم شهوة ذهبت لذاتها وبقيت تبعاتها ، يا رب أما كان لك أدب وعقوبة إلا النار ؟ ؟ وتبكي فما زال ذلك مقامها حتى طلع الفجر ، قال فلما رأيت ذلك وضعت يدي على رأسي صارخا أقول : ثكلت مالك أمه . مالكا
وروي أن الفضيل رئي يوم عرفة والناس يدعون وهو يبكي بكاء الثكلى المحترقة حتى إذا كادت الشمس تغرب قبض على لحيته ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : واسوأتاه منك وإن غفرت ثم انقلب مع الناس .
وسئل رضي الله عنهما عن الخائفين فقال قلوبهم بالخوف فرحة وأعينهم باكية يقولون : كيف نفرح والموت من ورائنا والقبر أمامنا والقيامة موعدنا وعلى جهنم طريقنا وبين يدي الله ربنا موقفنا . ابن عباس
ومر الحسن بشاب وهو مستغرق في ضحكه وهو جالس مع قوم في مجلس فقال له الحسن : يا فتى ، هل مررت بالصراط ؟ قال : لا ، قال : فهل تدري إلى الجنة تصير أم إلى النار ؟ قال : لا ، قال : فما هذا الضحك ؟ قال : فما رئي ذلك الفتى بعدها ضاحكا .
وكان حماد بن عبد ربه إذا جلس جلس مستوفزا على قدميه فيقال له اطمأننت فيقول تلك جلسة الآمن ، وأنا غير آمن إذ عصيت الله تعالى .
وقال إنما جعل الله هذه الغفلة في قلوب العباد رحمة كيلا يموتوا من خشية الله تعالى . عمر بن عبد العزيز
وقال مالك بن دينار قد هممت إذا أنا مت آمرهم أن يقيدوني ويغلوني ثم ينطلقوا بي إلى ربي كما ينطلق بالعبد الآبق إلى سيده .
وقال حاتم الأصم لا تغتر بموضع صالح فلا مكان أصلح من الجنة ، وقد لقي آدم عليه السلام فيهما ما لقي ولا تغتر بكثرة العبادة فإن إبليس بعد طول تعبده لقي ما لقي ولا تغتر بكثرة العلم فإن بلعام كان يحسن اسم الله الأعظم فانظر ماذا لقي ولا تغتر برؤية الصالحين فلا شخص أكبر منزلة عند الله من المصطفى صلى الله عليه وسلم ولم ينتفع بلقائه أقاربه وأعداؤه .
وقال السري إني لأنظر إلى أنفي كل يوم مرات مخافة أن يكون قد اسود وجهي .
وقال أبو حفص منذ أربعين سنة اعتقادي في نفسي أن الله ينظر إلي نظر السخط وأعمالي تدل على ذلك .
وخرج ابن المبارك يوما على أصحابه فقال : إني اجترأت البارحة على الله سألته الجنة .
وقالت أم محمد بن كعب القرظي لابنها يا بني ، إني أعرفك صغيرا طيبا وكبيرا طيبا وكأنك أحدثت حدثا موبقا لما أراك تصنع في ليلك ونهارك فقال يا أماه ، ما يؤمنني أن يكون الله تعالى قد اطلع علي وأنا على بعض ذنوبي فمقتني وقال : وعزتي وجلالي لا غفرت لك .
وقال الفضيل إني لا أغبط نبيا مرسلا ولا ملكا مقربا ولا عبدا صالحا ، أليس هؤلاء يعاينون يوم القيامة إنما أغبط من لم يخلق .
وروي أن فتى من الأنصار دخلته خشية النار فكان يبكي حتى حبسه ذلك في البيت فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل عليه واعتنقه فخر ميتا فقال صلى الله عليه وسلم : جهزوا صاحبكم ، فإن الفرق من النار فتت كبده .
وروي عن ابن أبي ميسرة أنه كان إذا أوى إلى فراشه يقول : يا ليت أمي لم تلدني ، فقالت له أمه يا ميسرة ، إن الله تعالى قد أحسن إليك هداك ، إلى الإسلام قال : أجل ، ولكن الله قد بين لنا أنا واردو النار ولم يبين لنا أنا صادرون عنها .
وقيل : لفرقد السبخي أخبرنا بأعجب شيء بلغك عن إسرائيل ، فقال بلغني أنه دخل بيت المقدس خمسمائة عذراء لباسهن الصوف والمسوح فتذاكرن ثواب الله وعقابه فمتن جميعا في يوم واحد .
وكان عطاء السلمي من الخائفين ولم يكن يسأل الله الجنة أبدا إنما كان يسأل الله العفو وقيل له في مرضه : ألا تشتهي شيئا ، فقال : إن : ويقال : أنه ما رفع رأسه إلى السماء ولا ضحك أربعين سنة . خوف جهنم لم يدع في قلبي موضعا للشهوة
وأنه رفع رأسه يوما ففزع فسقط فانفتق في بطنه فتق وكان يمس جسده في بعض الليل مخافة أن يكون قد مسخ .
وكان إذا أصابتهم ريح أو برق أو غلاء طعام قال : هذا من أجلي يصيبهم لو مات عطاء لاستراح الناس .
وقال عطاء : خرجنا مع عتبة الغلام وفينا كهول وشبان يصلون صلاة الفجر بطهور العشاء قد تورمت أقدامهم من طول القيام وغارت أعينهم في رءوسهم ولصقت جلودهم على عظامهم وبقيت العروق كأنها الأوتار يصبحون كأن جلودهم قشور البطيخ وكأنهم قد خرجوا من القبور يخبرون كيف أكرم الله المطيعين وكيف أهان العاصين فبينما هم يمشون إذ مر أحد بمكان فخر مغشيا عليه فجلس أصحابه حوله يبكون في يوم شديد البرد وجبينه يرشح عرقا فجاءوا بماء فمسحوا وجهه فأفاق وسألوه عن أمره فقال : إني ذكرت أني كنت عصيت الله في ذلك المكان .
وقال صالح المري قرأت على رجل من المتعبدين يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا فصعق ثم أفاق فقال : زدني يا صالح ، فإني أجد غما فقرأت كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها فخر ميتا .