الوجه العشرون: قوله: إن المسمى بالحيز والجهة أمر مركب من الأجزاء والأبعاض؛ لأنه يمكن تقديره بالذراع والشبر، وما كان كذلك كان مفتقرا إلى غيره ممكنا لذاته، فالمفتقر إليه أولى أن يكون ممكنا.
يقال له: قد تقدم أن الذي يقال إن ذات الله مستلزمة له ليس هو شيئا منفصلا عنه، حتى يقال إنه مركب من الأجزاء والأبعاض أم ليس بمركب، وهذا الوجه إنما هو إقامة دليل على حيز وجودي منفصل عن الله تعالى مثل العرش، والمنازعون له يقولون إن الحيز الوجودي وإنما قد يقول من يقول منهم إنه يكون على العرش، [ ص: 651 ] أو يأتي في ظلل من الغمام أو كان قبل أن يخلق العرش في عماء وهو السحاب الرقيق، لكن لم يقولوا إن ذلك لازم له، بل هو من الأمور الجائزة عليه فلا يكون مفتقرا إليه . ذات الله ليست مستلزمة لوجود حيز وجودي منفصل عنه،
الوجه الحادي والعشرون: أنه إذا قال قائل: إنه لابد من حيز وجودي غير ذاته كغمام أو غيره أو الخلاء عند من يتخيل أنه موجود فإنه قد يقول: لا نسلم أن ما ذكره من تقديره ومساحته يدل على إمكانه، فإن هذه هي الأدلة الدالة على إمكان ذوات المقدار، وقد تقدم بيان بطلانه، وأنه لم يقم على ذلك حجة لما ذكر من أدلته على أن كل متحيز وكل جسم فهو ممكن .