الباب الرابع عشر في موازاته صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان  عليه الصلاة والسلام 
قال  أبو نعيم :  أوتي ملكا عظيما ، وقد أعطي نبينا صلى الله عليه وسلم ما هو أعظم من ذلك مفاتيح خزائن الأرض؛ فأباها ، قال : «لو شئت لأجرى الله معي جبال الأرض ذهبا ، ولكن أجوع يوما وأشبع يوما»  . 
وأوتي سليمان  الريح تسير به ، غدوها شهر ورواحها شهر ،  وقد أعطي نبينا صلى الله عليه وسلم ما  [ ص: 271 ] 
هو أعظم من ذلك البراق ، سار به مسيرة خمسين ألف سنة ، في أقل من ثلث ليلة ، فدخل السماوات سماء سماء ، ورأى عجائبها ، ووقف على الجنة والنار وسخرت له الريح ، كما قال تعالى في شأن الأحزاب : فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها   [الأحزاب 9] 
وقال صلى الله عليه وسلم : «نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور»  وفي الصحيحين : «نصرت بالرعب مسيرة شهر» 
ومضى ذلك أنه إذا قصد قتال قوم من الكفار ألقى الله الرعب في قلوبهم قبل وصوله إليهم بشهر ، ولو كانت مسيرة شهر ، فهذا في مقابلة غدوها شهرا ، ورواحها شهرا ، بل هذا أبلغ في التمكين والنصر ، وسخرت لسليمان  الجن وكانت تعاص عليه حتى يصفدها ويعذبها ، ونبينا صلى الله عليه وسلم أتته وفود الجن طائعة مؤمنة ، وسخر له الشياطين والمردة منهم ، حتى هم أن يربط الشيطان الذي أخذه بسارية المسجد ، وأنزل الله تعالى الملائكة المقربين في غير ما موطن كبدر ، وأحد ، والأحزاب ، وحنين ، كما تقدم مفصلا ، وذلك أعظم وأجل من تسخير الشياطين ، قد ثبت في الصحيح أنه إذا دخل شهر رمضان صغرت الشياطين ومردة الجن ، وأعطي سليمان  النبوة والملك ، ونبينا صلى الله عليه وسلم خير عن ذلك فاختار أن يكون نبيا عبدا . 
				
						
						
