الباب الثامن في - رضي الله تعالى عنه عمر بن الخطاب - بعض فضائل أمير المؤمنين
وفيه أنواع :
الأول : في ولد - رضي الله تعالى عنه - بعد الفيل بثلاث عشرة سنة ، وأمه مولده حنتمة ، بحاء مهملة مفتوحة فنون ساكنة فمثناة فوقية مفتوحة فميم ، بنت هاشم . (ويقال هشام بن المغيرة بن عبد الله ، والصحيح بنت هاشم ، ومن قال بنت هشام فقد أخطأ ، كذا قال ، وقال الزبير بن بكار ابن منده هي بنت وأبو نعيم هشام أخت أبي جهل ، ونقله عن أبو نعيم ، ومن قال : بنت ابن إسحاق هاشم كانت بنت عمه .
الثاني : . فيما وجد في الكتب السابقة من صفته
روى ابن سعد عن ابن مسعود في زوائد الزهد عن وعبد الله ابن الإمام أحمد أبي عبيدة - رضي الله تعالى عنهما - قال ركب فرسا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانكشف ثوبه عن فخذه ، فرأى أهل عمر بن الخطاب نجران بفخذه شامة سوداء فقالوا : هذا الذي نجد في كتابنا أن يخرجنا من أرضنا .
وروى من طريق أبو نعيم عن شهر بن حوشب كعب قال : قلت لعمر بن الخطاب بالشام إنه مكتوب في هذه الكتب أن هذه البلاد مفتوحة على رجل من الصالحين ، رحيم بالمؤمنين ، شديد على الكافرين ، سره مثل علانيته ، وقوله لا يخالف فعله ، القريب والغريب سواء في الحق عنده ، أتباعه رهبان بالليل ، وأسود بالنهار ، متراحمون ، متواصلون متبارزون . قال : أحق ما تقول إي والله ، قال : الحمد لله الذي أعزنا وأكرمنا وشرفنا ورحمنا بنبينا عمر محمد - صلى الله عليه وسلم - وروى عن ابن عساكر عبد الله بن آدم وأبي مريم وأبي شعيب أن كان عمر بن الخطاب بالجابية ، فقدم إلى خالد بن الوليد بيت المقدس ، فقالوا له : ما اسمك ؟ قال : : قالوا : وما اسم صاحبك ؟ قال : خالد بن الوليد ، قالوا : انعته لنا قال : فنعته ، قالوا : أما أنت فلست تفتحها ، ولكن عمر بن الخطاب ، فإنا نجد في الكتب كل مدينة تفتح قبل الأخرى ، وكل رجل يفتحها نعته ، وإنا نجد في الكتب أن عمر سارية تفتح قبل بيت المقدس ، فاذهبوا فافتحوها ، ثم تعالوا بصاحبكم .
وروى عن ابن عساكر ، قال : قال ابن سيرين كعب - رضي الله تعالى عنه - : يا أمير المؤمنين ، هل ترى في منامك شيئا فانتهر ، فقال : إنا نجد رجلا يرى أمر الأمة في منامه . لعمر
وروى الطبراني عن وأبو نعيم مغيث الأوزاعي أن - رضي الله تعالى عنه - قال عمر بن الخطاب لكعب : كيف تجد نعتي في التوراة ؟ قال : خليفة قرن من حديد ، أمير شديد ، لا [ ص: 264 ] يخاف في الله لومة لائم ، ثم خليفة من بعدك ، تقتله أمة ظالمون ، ثم يقع البلاء بعده .
وروى عن ابن عساكر الأقرع مؤذن أن عمر - رضي الله تعالى عنه - دعا الأسقف فقال : هل تجدون في شيئا من كتابكم ؟ ، قال : نجد صفتكم وأعمالكم ، ولا نجد أسماءكم ، قال : كيف تجدوني ؟ قال : قرنا من حديد ، قال : ما قرن من حديد ؟ قال : أمير شديد ، قال عمر : الله أكبر ، قال : فما الذي من بعد ؟ قال : رجل صالح يؤثر أقرباءه ، قال عمر ) : يرحم الله (عمر ابن عفان فما الذي من بعده ؟ قال : صداء حديد ، قال : وادفراه قال : مهلا ، يا أمير المؤمنين ، فإنه رجل صالح ، ولكن تكون خلافته في هراقة من الدماء ، والسيف مسلول . عمر
روى الدينوري في «المجالسة » من طريق وابن عساكر قال : أخبرنا زيد بن أسلم قال : خرجت مع ناس من عمر بن الخطاب قريش في تجارة إلى الشام في الجاهلية فلما خرجنا إلى مكة نسيت قضاء حاجة فرجعت فقلت لأصحابي : ألحقكم فوالله إني لفي سوق من أسواقها إذا أنا ببطريق قد جاء فأخذ بعنقي فذهبت أنازعه فأدخلني كنيسته فإذا تراب متراكب بعضه على بعض فدفع إلي مجرفة وفأسا وزنبيلا وقال : انقل هذا التراب فجلست أتفكر في أمري كيف أصنع فأتاني في الهاجرة فقال لي : لم أرك أخرجت شيئا ثم ضم أصابعه فضرب بها وسط رأسي فقمت بالمجرفة فضربت بها هامته فإذا دماغه قد انتثر ثم خرجت على وجهي ما أدري أين أسلك فمشيت بقية يومي وليلتي حتى أصبحت فانتهيت إلى دير فاستظللت في ظله فخرج إلي رجل فقال : يا عبد الله ما يجلسك ها هنا قلت : أضللت عن أصحابي فجاءني بطعام وشراب وصعد في النظر وخفضه ثم قال : يا هذا قد علم أهل الكتاب أنه لم يبق على وجه الأرض أحد أعلم مني بالكتاب وإني أجد صفتك الذي تخرجنا من هذا الدير وتغلب على هذه البلدة فقلت له : أيها الرجل قد ذهبت في غير مذهب قال : ما اسمك قلت : قال : أنت والله صاحبنا وهو غير شك فاكتب لي على ديري وما فيه قلت : أيها الرجل قد صنعت معروفا فلا تكدره ؟ فقال : اكتب لنا كتابا من رق ليس عليك فيه شيء ، فإن تك صاحبنا فهو ما نريد ، وإن تكن الأخرى فليس يضرك ، قلت : هات وكتبت له ، ثم ختمت عليه فلما قدم عمر بن الخطاب عمر الشام في خلافته أتاه ذلك الراهب ، وهو صاحب دير القدس بذلك الكتاب ، فلما رآه تعجب منه وأنشأ يحدثنا حديثه ، فقال : أوف لي بشرطي ، فقال عمر : ليس عمر ولا لعمر منه شيء . لابن عمر