[ ص: 156 ] المسألة الرابعة : قوله تعالى { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة    } : إباحة لقتالهم وقتلهم إلى غاية هي الإيمان ; فلذلك قال ابن الماجشون   وابن وهب    : لا تقبل من مشركي العرب  جزية . 
وقال سائر علمائنا : تؤخذ الجزية من كل كافر    ; وهو الصحيح ، وسمعت  الشيخ الإمام أبا علي الوفاء بن عقيل الحنبلي  إمامهم ببغداد  يقول في قوله تعالى {    : قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون    } . 
إن قوله تعالى {    : قاتلوا    } أمر بالقتل . 
وقوله تعالى {    : الذين لا يؤمنون بالله    } سبب للقتال وقوله تعالى {    : ولا باليوم الآخر    } إلزام للإيمان بالبعث الثابت بالدليل . 
وقوله تعالى : { ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله    } بيان أن فروع الشريعة كأصولها وأحكامها كعقائدها . 
وقوله تعالى {    : ولا يدينون دين الحق    } أمر بخلع الأديان كلها إلا دين الإسلام . 
وقوله تعالى : { من الذين أوتوا الكتاب    } تأكيد للحجة ، ثم بين الغاية وبين إعطاء الجزية ، وثبت { أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر    } . خرجه  البخاري  وغيره . 
{ وقال  المغيرة بن شعبة  في قتاله لفارس    : إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نقاتلكم حتى  [ ص: 157 ] تعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا أو تؤدوا الجزية   } . { وقال النبي عليه السلام لبريدة    : ادعهم إلى ثلاث خصال ، وذكر الجزية   } ، وذلك كله صحيح . 
فإن قيل : فهل يكون هذا نسخا أو تخصيصا ؟ فلنا : هو تخصيص ; لأنه سبحانه أباح قتالهم وأمر به حتى لا يكون كفر ، ثم قال تعالى : [ { حتى يعطوا الجزية عن يد    } ] ; فخصص من الحالة العامة حالة أخرى خاصة ، وزاد إلى الغاية الأولى غاية أخرى ، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم {   : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله   } . 
وقال في حديث آخر : { أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة   } . 
ثم ذكر في حديث آخر الصوم والحج ، ولم يكن ذلك نسخا ، وإنما كان بيانا وكمالا . 
وكذلك : { لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنا بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير حق   } ، ثم بين القتل في مواضع لعشرة أسباب سنبينها في موضعها إن شاء الله تعالى . 
				
						
						
