المسألة الثالثة :
قوله تعالى { فاكتبوه } يريد يكون ، والنسيان موكل بالإنسان ، والشيطان ربما حمل على الإنكار ، والعوارض من موت وغيره تطرأ ; فشرع الكتاب والإشهاد ، وكان ذلك في الزمان الأول . صكا ليستذكر به عند أجله ; لما يتوقع من الغفلة في المدة التي بين المعاملة وبين حلول الأجل
وروى وغيره عن أحمد بن حنبل ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عباس أول من جحد آدم قالها ثلاث مرات : إن الله تعالى لما خلقه مسح ظهره ، فأخرج ذريته فعرضهم عليه ، فرأى فيهم رجلا يزهر ، فقال : أي رب من هذا ؟ قال : هذا ابنك داود . قال : كم عمره ؟ قال : ستون سنة . قال : رب زد في عمره . قال : لا إلا أن تزيده أنت من عمرك فزاده أربعين من عمره ، فكتب الله تعالى عليه كتابا وأشهد عليه الملائكة ، فلما أراد أن يقبض روحه قال : بقي من أجلي أربعون سنة . فقيل له : إنك قد جعلتها لابنك داود . قال : فجحد آدم . قال : فأخرج إليه الكتاب ، فأقام عليه البينة ، وأتم لداود مائة سنة ولآدم عمره ألف سنة }
. المسألة الرابعة : في قوله تعالى : { فاكتبوه } إشارة ظاهرة إلى أنه يكتبه بجميع صفاته المبينة له المعربة عنه المعرفة للحاكم بما يحكم عند ارتفاعهما إليه .