الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=22223_259باب إيجاب الغسل من التقاء الختانين ونسخ الرخصة فيه .
288 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9847إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب عليه الغسل . } متفق عليه . nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد " وإن لم ينزل " ) .
قوله : ( إذا جلس ) الضمير المستتر فيه ، وفي قوله : ثم جهدها للرجل ، والضمير البارز في قوله : شعبها وجهدها للمرأة .
قوله : ( شعبها ) الشعب جمع شعبة وهي القطعة من الشيء ، قيل : المراد هنا يداها ورجلاها ، وقيل : رجلاها وفخذاها . وقيل : ساقاها وفخذاها ، وقيل : فخذاها وأسكتاها . وقيل : فخذاها وشفراها ، وقيل : نواحي فرجها الأربع ، قاله في الفتح : قال الأزهري : والأسكتان : ناحيتا الفرج ، والشفران : طرفا الناحيتين .
قوله : ( ثم جهدها ) بفتح الجيم والهاء يقال : جهد وأجهد أي بلغ المشقة ، قيل : معناه كدها بحركته ، أو بلغ جهده في العمل بها ، والمراد به هنا معالجة الإيلاج ، كنى به عنها . والحديث يدل على أن إيجاب nindex.php?page=treesubj&link=22223_259الغسل لا يتوقف على الإنزال ، بل يجب بمجرد الإيلاج أو ملاقاة الختان الختان كما سيأتي ، وقد ذهب إلى ذلك الخلفاء الأربعة والعترة والفقهاء وجمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن بعضهم أنه قال : انعقد إجماع الصحابة على إيجاب الغسل من التقاء الختانين ، قال : وليس ذلك عندنا كذلك ، ولكنا نقول : إن الاختلاف في هذا ضعيف ، وإن الجمهور الذين هم الحجة على من خالفهم من السلف والخلف ، انعقد إجماعهم على إيجاب الغسل من التقاء الختانين أو مجاوزة الختان الختان انتهى .
وجعلوا أحاديث الباب ناسخة لحديث " الماء من الماء " وخالف في ذلك nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري وزيد بن خالد nindex.php?page=showalam&ids=37وابن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ nindex.php?page=showalam&ids=46ورافع بن خديج .
وروي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، ومن غير الصحابة nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز والظاهرية ، وقالوا : لا يجب الغسل إلا إذا وقع الإنزال ، وتمسكوا بحديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=15096الماء من الماء } المتفق عليه ، ويمكن تأييد ذلك بحمل الجهد المذكور في الحديث على الإنزال ، ولكنه لا يتم بعد التصريح بقوله : " وإن لم ينزل " في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وأصرح من ذلك حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الآتي بعد هذا ، [ ص: 277 ] لتصريحه بأن مجرد مس الختان للختان موجب للغسل ، ولكنها لا تتم دعوى النسخ التي جزم بها الأولون إلا بعد تسليم تأخر حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة وغيرهما ، وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف حديث أبي بن كعب ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج للاستدلال بهما على النسخ ، وهما صريحان في ذلك ، وسنذكرهما .
وقد ذكر الحازمي في الناسخ والمنسوخ آثارا تدل على النسخ ، ولو فرض عدم التأخر لم ينتهض حديث " الماء من الماء " لمعارضة حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ; لأنه مفهوم ، وهما منطوقان ، والمنطوق أرجح من المفهوم . قال النووي : وقد أجمع على وجوب الغسل متى غابت الحشفة في الفرج ، وإنما كان الخلاف فيه لبعض الصحابة ومن بعدهم ، ثم انعقد الإجماع على ما ذكرنا ، وهكذا قال ابن العربي وصرح أنه لم يخالف في ذلك إلا nindex.php?page=showalam&ids=15858داود .
قوله : ( فقد وجب عليه الغسل ) هو بضم الغين المعجمة اسم للاغتسال ، وحقيقته إفاضة الماء على الأعضاء ، وزادت الهادوية مع الدلك ، ولم نجد في كتب اللغة ما يشعر بأن الدلك داخل في مسمى الغسل ، فالواجب ما صدق عليه اسم الغسل المأمور به لغة ، اللهم إلا أن يقال : حديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=16400بلوا الشعر وأنقوا البشر } - على فرض صحته - مشعر بوجوب الدلك ; لأن الإنقاء لا يحصل بمجرد الإفاضة . لا يقال : إذا لم يجب الدلك لم يبق فرق بين الغسل والمسح ; لأنا نقول : المسح الإمرار على الشيء باليد يصيب ما أصاب ويخطئ ما أخطأ فلا يجب فيه الاستيعاب بخلاف الغسل ، فإنه يجب فيه الاستيعاب .
289 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=10407إذا قعد بين شعبها الأربع ، ثم مس الختان الختان فقد وجب الغسل } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم والترمذي وصححه ولفظه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9839إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل } ) . ولها حديث آخر بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9659إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ، فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم واغتسلنا } وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان وابن القطان ، وأعله nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بأن الأوزاعي أخطأ فيه . ورواه غيره عن nindex.php?page=showalam&ids=16337عبد الرحمن بن القاسم مرسلا ، واستدل على ذلك بأن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبا الزناد قال : سألت nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد سمعت في هذا الباب شيئا ؟ قال : لا . وابنه عبد الرحمن قال عن أبيه . وأجاب من صححه بأنه يحتمل أن يكون القاسم كان نسيه ، ثم ذكر أو حدث به ابنه عبد الرحمن ثم نسي . قال الحافظ : ولا يخلو الجواب عن نظر . قال النووي : هذا الحديث أصله صحيح ، ولكن فيه تغيير ، وتبع في ذلك ابن الصلاح .
قوله : ( بين شعبها ) قد تقدم تفسير الشعب .
قوله : ( الختان ) [ ص: 278 ] المراد به هنا موضع الختن ، والختن في المرأة قطع جلدة في أعلى الفرج مجاورة لمخرج البول ، كعرف الديك ويسمى : الخفاض .
قوله : ( جاوز ) ورد بلفظ المجاوزة ، وبلفظ الملاقاة ، وبلفظ الملامسة ، وبلفظ الإلزاق ، والمراد بالملاقاة : المحاذاة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي أبو بكر : إذا غابت الحشفة في الفرج فقد وقعت الملاقاة .
قال ابن سيد الناس : وهكذا معنى مس الختان الختان أي قاربه وداناه ، ومعنى إلزاق الختان بالختان إلصاقه به ، ومعنى المجاوزة ظاهر . قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي حاكيا عن ابن العربي : وليس المراد حقيقة اللمس ولا حقيقة الملاقاة ، وإنما هو من باب المجاز والكناية عن الشيء بما بينه وبينه ملامسة أو مقاربة ، وهو ظاهر وذلك أن ختان المرأة في أعلى الفرج ، ولا يمسه الذكر في الجماع . وقد أجمع العلماء كما أشار إليه على أنه لو وضع ذكره على ختانها . ولم يولجه لم يجب الغسل على واحد منهما فلا بد من قدر زائد على الملاقاة ، وهو ما وقع مصرحا به في حديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9660إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل } أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، والتصريح بلفظ الوجوب في هذا الحديث والذي قبله مشعر بأن ذلك على وجه الحتم ، ولا خلاف فيه بين القائلين بأن مجرد ملاقاة الختان الختان سبب للغسل .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه الله: وهو يفيد الوجوب وإن كان هناك حائل انتهى . وذلك ; لأن الملاقاة والمجاوزة لا يتوقف صدقهما على عدمه .
290 - ( وعن أبي بن كعب قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=15096إن الفتيا التي كانوا يقولون : الماء من الماء رخصة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص بها في أول الإسلام ثم أمرنا بالاغتسال بعدها } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو داود ، وفي لفظ إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ثم نهي عنها . رواه الترمذي وصححه ) . الحديث أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة ، ورواه الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد عن أبي بن كعب .
وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه عن الزهري قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد . وفي رواية أبي داود عن ابن شهاب حدثني بعض من أرضى أن nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد أخبره أن أبي بن كعب أخبره ، وجزم موسى بن هارون nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني بأن الزهري لم يسمعه من سهل . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة : هذا الرجل الذي لم يسمه الزهري هو nindex.php?page=showalam&ids=11973أبو حازم ، ثم ساقه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11973أبي حازم عن nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد عن أبي قال : ( إن الفتيا ) . وساقه بلفظ : الكتاب إلا أنه قال : ( في بدء الإسلام ) . وقد ساقه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة أيضا عن الزهري ، قال : أخبرني سهل ، قال الحافظ : وهذا يدفع قول من جزم بأنه لم يسمعه منه ، لكن قال nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة : أهاب أن [ ص: 279 ] تكون هذه اللفظة غلطا من nindex.php?page=showalam&ids=16769محمد بن جعفر الراوي له عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن الزهري . قال الحافظ : وأحاديث أهل البصرة عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر يقع الوهم فيها ، لكن في كتاب ابن شاهين من طريق يعلى بن منصور عن nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك عن nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس عن الزهري حدثني سهل ، وكذا أخرجه بقي بن مخلد في مسنده عن أبي كريب عن nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : يحتمل أن يكون الزهري سمعه من رجل عن سهل ، ثم لقي سهلا فحدث ، أو سمعه من سهل ثم ثبته فيه nindex.php?page=showalam&ids=11973أبو حازم ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن سيف بن وهب عن أبي حرب بن أبي الأسود عن عميرة بن يثربي عن أبي بن كعب نحوه .
والحديث يدل على ما قاله الجمهور من النسخ ، وقد سبق الكلام عليه .
291 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها { nindex.php?page=hadith&LINKID=41133أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة جالسة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل } . رواه مسلم ) . قوله : ( ثم يكسل ) قال النووي : ضبطناه بضم الياء ويجوز فتحها ، ويقال : أكسل الرجل في جماعه إذا ضعف عن الإنزال ، وكسل بفتح الكاف وكسر السين ، والأولى أفصح ، وهذا تصريح بما ذهب إليه الجمهور ، وقد سلف ذكر الخلاف فيه .
292 - ( وعن { nindex.php?page=hadith&LINKID=63019nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج قال : ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على بطن امرأتي ، فقمت ولم أنزل فاغتسلت وخرجت فأخبرته ، فقال : لا عليك . الماء من الماء ، قال nindex.php?page=showalam&ids=46رافع : ثم أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بالغسل } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ) . الحديث حسنه الحازمي وفي تحسينه نظر ; لأن في إسناده رشدين وليس من رجال الحسن .
وفيه أيضا مجهول ; لأنه قال : عن بعض ولد nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج فلينظر ، فالظاهر ضعف الحديث لا حسنه ،
وهو من أدلة مذهب الجمهور . وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير nindex.php?page=showalam&ids=55وطلحة nindex.php?page=showalam&ids=50وأبي أيوب nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة وغيرهم .