( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها  فحق عليها القول فدمرناها تدميرا   ( 16 ) ) 
اختلف القراء في قراءة قوله : ( أمرنا ) فالمشهور قراءة التخفيف ، واختلف المفسرون في معناها ، فقيل : معناها أمرنا مترفيها ففسقوا فيها أمرا قدريا ، كقوله تعالى : ( أتاها أمرنا ليلا أو نهارا   ) [ يونس : 24 ] ، فإن الله لا يأمر بالفحشاء ، قالوا : معناه : أنه سخرهم إلى فعل الفواحش فاستحقوا العذاب . 
وقيل : معناه : أمرناهم بالطاعات ففعلوا الفواحش فاستحقوا العقوبة . رواه  ابن جريج  عن ابن عباس  ، وقاله سعيد بن جبير  أيضا .  [ ص: 62 ] 
وقال ابن جرير   : وقد يحتمل أن يكون معناه جعلناهم أمراء . 
قلت : إنما يجيء هذا على قراءة من قرأ " أمرنا مترفيها " قال علي بن طلحة  ، عن ابن عباس  قوله : ( أمرنا مترفيها ففسقوا فيها   ) يقول : سلطنا أشرارها فعصوا فيها ، فإذا فعلوا ذلك أهلكتهم بالعذاب ، وهو قوله : ( وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها   ) [ الأنعام : 123 ] ، وكذا قال أبو العالية  ومجاهد   والربيع بن أنس   . 
وقال العوفي  عن ابن عباس   : ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها   ) يقول : أكثرنا عددهم ، وكذا قال عكرمة  ، والحسن  ، والضحاك  ، وقتادة  ، وعن مالك  عن الزهري   : ( أمرنا مترفيها   ) : أكثرنا . 
وقد استشهد بعضهم بالحديث الذي رواه  الإمام أحمد  حيث قال : حدثنا روح بن عبادة  ، حدثنا أبو نعامة العدوي  ، عن مسلم بن بديل  ، عن إياس بن زهير  ، عن سويد بن هبيرة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خير مال امرئ له مهرة مأمورة أو سكة مأبورة  " . 
قال  الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام  ، رحمه الله ، في كتابه " الغريب " : المأمورة : كثيرة النسل . والسكة : الطريقة المصطفة من النخل ، والمأبورة : من التأبير ، وقال بعضهم : إنما جاء هذا متناسبا كقوله : " مأزورات غير مأجورات " . 
				
						
						
