[ ص: 479 ] تفسير سورة العصر  وهي مكية . 
ذكروا أن عمرو بن العاص  وفد على مسيلمة الكذاب   [ لعنه الله ] وذلك بعد ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل أن يسلم عمرو  فقال له مسيلمة   : ماذا أنزل على صاحبكم في هذه المدة ؟ قال لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة . فقال : وما هي ؟ فقال : " والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر   " ففكر مسيلمة  هنيهة ثم قال : وقد أنزل علي مثلها . فقال له عمرو   : وما هو ؟ فقال : يا وبر يا وبر ، إنما أنت أذنان وصدر ، وسائرك حفز نقز . ثم قال : كيف ترى يا عمرو ؟  فقال له عمرو   : والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب . 
وقد رأيت أبا بكر الخرائطي  أسند في كتابه المعروف ب " مساوي الأخلاق " ، في الجزء الثاني منه ، شيئا من هذا أو قريبا منه . 
والوبر : دويبة تشبه الهر ، أعظم شيء فيه أذناه ، وصدره وباقيه دميم . فأراد مسيلمة أن يركب من هذا الهذيان ما يعارض به القرآن ، فلم يرج ذلك على عابد الأوثان في ذلك الزمان . 
وذكر  الطبراني  من طريق حماد بن سلمة  ، عن ثابت  عن عبد الله بن حصن [ أبي مدينة ]  ، قال : كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقيا ، لم يتفرقا إلا على أن يقرأ أحدهما على الآخر " سورة العصر " إلى آخرها ، ثم يسلم أحدهما على الآخر  . 
وقال  الشافعي  رحمه الله : لو تدبر الناس هذه السورة ، لوسعتهم .  [ ص: 480 ] 
بسم الله الرحمن الرحيم 
( والعصر    ( 1 ) إن الإنسان لفي خسر   ( 2 ) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر   ( 3 ) ) 
العصر : الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم ، من خير وشر . 
وقال مالك  ، عن  زيد بن أسلم   : هو العشي ، والمشهور الأول . 
فأقسم تعالى بذلك على أن الإنسان لفي خسر ، أي : في خسارة وهلاك ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات   ) فاستثنى من جنس الإنسان عن الخسران الذين آمنوا بقلوبهم ، وعملوا الصالحات بجوارحهم ( وتواصوا بالحق   ) وهو أداء الطاعات ، وترك المحرمات ( وتواصوا بالصبر   ) على المصائب والأقدار ، وأذى من يؤذي ممن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر . آخر تفسير سورة " العصر " ولله الحمد والمنة 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					