( ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه  إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا   ( 57 ) وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا   ( 58 ) وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا   ( 59 ) ) . 
يقول تعالى : وأي عباد الله أظلم ممن ذكر بآيات الله فأعرض عنها ، أي : تناساها وأعرض  [ ص: 173 ] عنها ، ولم يصغ لها ، ولا ألقى إليها بالا ( ونسي ما قدمت يداه   ) أي : من الأعمال السيئة والأفعال القبيحة . ( إنا جعلنا على قلوبهم   ) أي قلوب هؤلاء ) أكنة ) أي : أغطية وغشاوة ، ( أن يفقهوه ) أي : لئلا يفهموا هذا القرآن والبيان ، ( وفي آذانهم وقرا   ) أي : صمم معنوي عن الرشاد ، ( وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا   ) . 
وقوله : ( وربك الغفور ذو الرحمة   ) أي : ربك - يا محمد   - غفور ذو رحمة واسعة ، ( لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب   ) ، كما قال : ( ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة   ) [ فاطر : 45 ] ، وقال : ( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب   ) [ الرعد : 6 ] . والآيات في هذا كثيرة . 
ثم أخبر أنه يحلم ويستر ويغفر ، وربما هدى بعضهم من الغي إلى الرشاد ، ومن استمر منهم فله يوم يشيب فيه الوليد ، وتضع كل ذات حمل حملها ؛ ولهذا قال : ( بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا   ) أي : ليس لهم عنه محيد ولا محيص ولا معدل . 
وقوله : ( وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا   ) أي : الأمم السالفة والقرون الخالية أهلكناهم بسبب كفرهم وعنادهم ( وجعلنا لمهلكهم موعدا   ) أي : جعلناه إلى مدة معلومة ووقت [ معلوم ] معين ، لا يزيد ولا ينقص ، أي : وكذلك أنتم أيها المشركون ، احذروا أن يصيبكم ما أصابهم ، فقد كذبتم أشرف رسول وأعظم نبي ، ولستم بأعز علينا منهم ، فخافوا عذابي ونذر . 
				
						
						
