( فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها  قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا   ( 71 ) قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا   ( 72 ) قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا   ( 73 ) ) 
يقول تعالى مخبرا عن موسى  وصاحبه ، وهو الخضر ،  أنهما انطلقا لما توافقا واصطحبا ، واشترط عليه ألا يسأله عن شيء أنكره حتى يكون هو الذي يبتدئه من تلقاء نفسه بشرحه وبيانه ، فركبا في السفينة . وقد تقدم في الحديث كيف ركبا في السفينة ، وأنهم عرفوا الخضر ،  فحملوهما بغير نول - يعني بغير أجرة - تكرمة للخضر   . فلما استقلت بهم السفينة في البحر ، ولججت أي : دخلت اللجة ، قام الخضر  فخرقها ، واستخرج لوحا من ألواحها ثم رقعها   . فلم يملك موسى ،  عليه السلام ، نفسه أن قال منكرا عليه : ( أخرقتها لتغرق أهلها   ) . وهذه اللام لام العاقبة لا لام التعليل ، كما قال الشاعر : لدوا للموت وابنوا للخراب 
( لقد جئت شيئا إمرا   ) قال مجاهد   : منكرا . وقال قتادة  عجبا . فعندها قال له الخضر  مذكرا بما تقدم من الشرط : ( ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا   ) يعني وهذا الصنيع فعلته قصدا ،  [ ص: 183 ] وهو من الأمور التي اشترطت معك ألا تنكر علي فيها ، لأنك لم تحط بها خبرا ، ولها داخل هو مصلحة ولم تعلمه أنت . 
( قال ) أي موسى   : ( لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا   ) أي : لا تضيق علي وتشدد علي ؛ ولهذا تقدم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :  " كانت الأولى من موسى نسيانا "  . 
				
						
						
