( قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى    ( 57 ) فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى   ( 58 ) قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى   ( 59 ) ) . 
يقول تعالى مخبرا عن فرعون  أنه قال لموسى  حين أراه الآية الكبرى ، وهي إلقاء عصاه فصارت ثعبانا عظيما ونزع يده من تحت جناحه فخرجت بيضاء من غير سوء فقال : هذا سحر ، جئت به لتسحرنا وتستولي به على الناس ، فيتبعونك وتكاثرنا بهم ، ولا يتم هذا معك ، فإن عندنا سحرا مثل  [ ص: 300 ] سحرك ، فلا يغرنك ما أنت فيه ( فاجعل بيننا وبينك موعدا   ) أي : يوما نجتمع نحن وأنت فيه ، فنعارض ما جئت به بما عندك من السحر في مكان معين ووقت معين فعند ذلك ) قال ) لهم موسى ( موعدكم يوم الزينة   ) وهو يوم عيدهم ونوروزهم وتفرغهم من أعمالهم واجتماعهم جميعهم ; ليشاهد الناس قدرة الله على ما يشاء ، ومعجزات الأنبياء ، وبطلان معارضة السحر لخوارق العادات النبوية ، ولهذا قال : ( وأن يحشر الناس   ) أي : جميعهم ) ضحى ) أي : ضحوة من النهار ليكون أظهر وأجلى وأبين وأوضح ، وهكذا شأن الأنبياء ، كل أمرهم واضح ، بين ، ليس فيه خفاء ولا ترويج ; ولهذا لم يقل " ليلا " ولكن نهارا ضحى . 
قال ابن عباس   : وكان يوم الزينة يوم عاشوراء . 
وقال  السدي ،  وقتادة ،  وابن زيد   : كان يوم عيدهم . 
وقال سعيد بن جبير   : يوم سوقهم . 
ولا منافاة . قلت : وفي مثله أهلك الله فرعون  وجنوده ، كما ثبت في الصحيح . 
وقال  وهب بن منبه   : قال فرعون   : يا موسى ،  اجعل بيننا وبينك أجلا ننظر فيه . قال موسى   : لم أومر بهذا ، إنما أمرت بمناجزتك ، إن أنت لم تخرج دخلت إليك . فأوحى الله إلى موسى  أن اجعل بينك وبينه أجلا وقل له أن يجعل هو . قال فرعون   : اجعله إلى أربعين يوما . ففعل . 
وقال مجاهد ،  وقتادة   : ( مكانا سوى   ) منصفا . وقال  السدي   : عدلا . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم   : ( مكانا سوى   ) مستو يتبين الناس ما فيه ، لا يكون صوب ولا شيء يتغيب بعض ذلك عن بعض ، مستو حتى يرى . 
				
						
						
