( قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين    ( 29 ) قال أولو جئتك بشيء مبين   ( 30 ) قال فأت به إن كنت من الصادقين   ( 31 ) فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين   ( 32 ) ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين   ( 33 ) قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم   ( 34 ) يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون   ( 35 ) قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين   ( 36 ) يأتوك بكل سحار عليم   ( 37 ) ) 
لما قامت على فرعون  الحجة بالبيان والعقل ، عدل إلى أن يقهر موسى  بيده وسلطانه ، وظن أنه ليس وراء هذا المقام مقال فقال : ( لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين   ) . فعند ذلك قال موسى   : ( أولو جئتك بشيء مبين   ) ؟ أي : ببرهان قاطع واضح . 
( قال فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين   ) أي : ظاهر واضح في غاية الجلاء والوضوح والعظمة ، ذات قوائم وفم كبير ، وشكل هائل مزعج . 
( ونزع يده   ) أي : من جيبه ( فإذا هي بيضاء للناظرين   ) أي : تتلألأ كقطعة من القمر . فبادر فرعون   - بشقائه - إلى التكذيب والعناد ، فقال للملأ حوله : ( إن هذا لساحر عليم   ) أي : فاضل بارع في السحر . فروج عليهم فرعون  أن هذا من قبيل السحر لا من قبيل المعجزة ، ثم هيجهم وحرضهم على مخالفته ، والكفر به . فقال ( يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون   ) ؟ أي : أراد أن يذهب بقلوب الناس معه بسبب هذا ، فيكثر أعوانه وأنصاره وأتباعه ويغلبكم على دولتكم ، فيأخذ البلاد منكم ، فأشيروا علي فيه ماذا أصنع به؟ 
( قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم   ) [ أي : أخره وأخاه حتى تجمع له من مدائن مملكتك وأقاليم دولتك كل سحار عليم ] يقابلونه ، ويأتون بنظير ما جاء به ، فتغلبه أنت وتكون لك النصرة والتأييد . فأجابهم إلى ذلك . وكان هذا من تسخير الله تعالى  [ ص: 140 ] لهم في ذلك; ليجتمع الناس في صعيد واحد ، ولتظهر آيات الله وحججه وبراهينه على الناس في النهار جهرة . 
				
						
						
