( قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر  فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين   ( 49 ) قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون   ( 50 ) إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين   ( 51 ) ) . 
تهددهم فلم يقطع ذلك فيهم ، وتوعدهم فما زادهم إلا إيمانا وتسليما . وذلك أنه قد كشف عن قلوبهم حجاب الكفر ، وظهر لهم الحق بعلمهم ما جهل قومهم ، من أن هذا الذي جاء به موسى  لا يصدر عن بشر ، إلا أن يكون الله قد أيده به ، وجعله له حجة ودلالة على صدق ما جاء به من ربه; ولهذا لما قال لهم فرعون   : ( آمنتم له قبل أن آذن لكم   ) ؟ أي : كان ينبغي أن تستأذنوني فيما فعلتم ، ولا تفتاتوا علي في ذلك ، فإن أذنت لكم فعلتم ، وإن منعتكم امتنعتم ، فإني أنا الحاكم المطاع; ( إنه لكبيركم الذي علمكم السحر   ) . وهذه مكابرة يعلم كل أحد بطلانها ، فإنهم لم يجتمعوا بموسى  قبل ذلك اليوم ، فكيف يكون كبيرهم الذي أفادهم صناعة السحر؟ هذا لا يقوله عاقل . 
ثم توعدهم فرعون  بقطع الأيدي والأرجل والصلب ، فقالوا : ( لا ضير   ) أي : لا حرج ولا يضرنا ذلك ولا نبالي به ( إنا إلى ربنا منقلبون   ) أي : المرجع إلى الله ، وهو لا يضيع أجر من أحسن عملا ولا يخفى عليه ما فعلت بنا ، وسيجزينا على ذلك أتم الجزاء; ولهذا قالوا : ( إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا   ) أي : ما قارفناه من الذنوب ، وما أكرهتنا عليه من السحر ، ( أن كنا أول المؤمنين   ) أي : بسبب أنا بادرنا قومنا من القبط إلى الإيمان . فقتلهم كلهم . 
				
						
						
