( أتتركون في ما هاهنا آمنين    ( 146 ) في جنات وعيون   ( 147 ) وزروع ونخل طلعها هضيم   ( 148 ) وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين   ( 149 ) فاتقوا الله وأطيعون   ( 150 ) ولا تطيعوا أمر المسرفين   ( 151 ) الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون   ( 152 ) ) 
يقول لهم واعظا لهم ومحذرا إياهم نقم الله أن تحل بهم ، ومذكرا بأنعم الله عليهم فيما رزقهم من الأرزاق الدارة ، وجعلهم في أمن من المحذورات . وأنبت لهم من الجنات ، وأنبع لهم من العيون الجاريات ، وأخرج لهم من الزروع والثمرات ; ولهذا قال : ( ونخل طلعها هضيم   ) . قال العوفي  ، عن ابن عباس   : أينع وبلغ ، فهو هضيم . 
وقال علي بن أبي طلحة  ، عن ابن عباس   : ( ونخل طلعها هضيم   ) يقول : معشبة . 
[ و ] قال إسماعيل بن أبي خالد  ، عن  عمرو بن أبي عمرو   - وقد أدرك الصحابة - عن ابن عباس  ، في قوله : ( ونخل طلعها هضيم   ) قال : إذا رطب واسترخى . رواه ابن أبي حاتم  ، قال : وروي عن أبي صالح  نحو هذا . 
 [ ص: 156 ] 
وقال أبو إسحاق  ، عن أبي العلاء   : ( ونخل طلعها هضيم   ) قال : هو المذنب من الرطب . 
وقال مجاهد   : هو الذي إذا كبس تهشم وتفتت وتناثر . 
وقال  ابن جريج   : سمعت عبد الكريم أبا أمية  ، سمعت  مجاهدا  يقول : ( ونخل طلعها هضيم   ) قال : حين يطلع تقبض عليه فتهضمه ، فهو من الرطب الهضيم ، ومن اليابس الهشيم ، تقبض عليه فتهشمه . 
وقال عكرمة   : وقتادة  ، الهضيم   : الرطب اللين . 
وقال الضحاك   : إذا كثر حمل الثمرة ، وركب بعضه بعضا ، فهو هضيم . 
وقال مرة   : هو الطلع حين يتفرق ويخضر . 
وقال  الحسن البصري   : هو الذي لا نوى له . 
وقال أبو صخر   : ما رأيت الطلع حين يشق عنه الكم ، فترى الطلع قد لصق بعضه ببعض ، فهو الهضيم . 
وقوله : ( وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين   ) قال ابن عباس ،  وغير واحد : يعني : حاذقين . وفي رواية عنه : شرهين أشرين . وهو اختيار مجاهد  وجماعة . ولا منافاة بينهما ; فإنهم كانوا يتخذون تلك البيوت المنحوتة في الجبال أشرا وبطرا وعبثا ، من غير حاجة إلى سكناها ، وكانوا حاذقين متقنين لنحتها ونقشها ، كما هو المشاهد من حالهم لمن رأى منازلهم ; ولهذا قال : ( فاتقوا الله وأطيعون   ) أي : أقبلوا على عمل ما يعود نفعه عليكم في الدنيا والآخرة ، من عبادة ربكم الذي خلقكم ورزقكم لتوحدوه وتعبدوه وتسبحوه بكرة وأصيلا . 
( ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون   ) يعني : رؤساءهم وكبراءهم ، الدعاة لهم إلى الشرك والكفر ، ومخالفة الحق . 
				
						
						
