( وإنه لفي زبر الأولين    ( 196 ) أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل   ( 197 ) ولو نزلناه على بعض الأعجمين   ( 198 ) فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين   ( 199 ) ) . 
يقول تعالى : وإن ذكر هذا القرآن والتنويه به لموجود في كتب الأولين المأثورة عن أنبيائهم ، الذين بشروا به في قديم الدهر وحديثه ، كما أخذ الله عليهم الميثاق بذلك ، حتى قام آخرهم خطيبا في ملئه بالبشارة بأحمد   : ( وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد   ) [ الصف : 6 ] ، والزبر هاهنا هي الكتب وهي جمع زبور ، وكذلك الزبور ، وهو كتاب داود   . وقال تعالى : ( وكل شيء فعلوه في الزبر   ) [ القمر : 52 ] أي : مكتوب عليهم في صحف الملائكة . 
ثم قال تعالى : ( أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل   ) أي : أوليس يكفيهم من الشاهد الصادق على ذلك : أن العلماء من بني إسرائيل  يجدون ذكر هذا القرآن في كتبهم التي يدرسونها ؟ والمراد : العدول منهم ، الذين يعترفون بما في أيديهم من صفة محمد   - صلى الله عليه وسلم - ومبعثه وأمته ، كما أخبر بذلك من آمن منهم  كعبد الله بن سلام  ،  وسلمان الفارسي  ، عمن أدركه منهم ومن شاكلهم . وقال الله تعالى : ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل   ) الآية [ الأعراف : 157 ] . 
ثم قال تعالى مخبرا عن شدة كفر قريش  وعنادهم لهذا القرآن ; أنه لو أنزله على رجل من الأعاجم ، ممن لا يدري من العربية كلمة ، وأنزل عليه هذا الكتاب ببيانه وفصاحته ، لا يؤمنون به ; ولهذا قال : ( ولو نزلناه على بعض الأعجمين . فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين   ) ، كما أخبر عنهم في الآية الأخرى : ( ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون . لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون   ) [ الحجر : 14 ، 15 ] وقال تعالى : ( ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله   ) [ الأنعام : 111 ] ، وقال : ( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون . ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم   ) [ يونس : 96 ، 97 ] . 
				
						
						
