( وقالوا أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون    ( 10 ) قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون   ( 11 ) ) 
يقول تعالى مخبرا عن المشركين في استبعادهم المعاد حيث قالوا : ( أئذا ضللنا في الأرض   ) أي : تمزقت أجسامنا وتفرقت في أجزاء الأرض وذهبت ، ( أئنا لفي خلق جديد   ) ؟ أي : أئنا لنعود بعد تلك الحال ؟! يستبعدون ذلك ، وهذا إنما هو بعيد بالنسبة إلى قدرتهم العاجزة ، لا بالنسبة إلى قدرة الذي بدأهم وخلقهم من العدم ، الذي إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون; ولهذا قال : ( بل هم بلقاء ربهم كافرون   ) . 
ثم قال : ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم   ) ، الظاهر من هذه الآية أن ملك الموت شخص  [ ص: 361 ] معين من الملائكة  ، كما هو المتبادر من حديث البراء  المتقدم ذكره في سورة " إبراهيم " ، وقد سمي في بعض الآثار بعزرائيل ،  وهو المشهور ، قاله قتادة  وغير واحد ، وله أعوان . وهكذا ورد في الحديث أن أعوانه ينتزعون الأرواح من سائر الجسد ، حتى إذا بلغت الحلقوم تناولها ملك الموت . 
قال مجاهد   : حويت له الأرض فجعلت له مثل الطست ، يتناول منها حيث يشاء . ورواه زهير بن محمد  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه مرسلا . وقاله ابن عباس  ، رضي الله عنهما . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن أبي يحيى المقري  ، حدثنا عمرو بن شمر  عن  جعفر بن محمد  قال : سمعت أبي يقول : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار ،  فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :  " يا ملك الموت ، ارفق بصاحبي فإنه مؤمن " . فقال ملك الموت : يا محمد ،  طب نفسا وقر عينا فإني بكل مؤمن رفيق ، واعلم أن ما في الأرض بيت مدر ولا شعر ، في بر ولا بحر ، إلا وأنا أتصفحه في كل يوم خمس مرات ، حتى إني أعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم ، والله يا محمد ،  لو أني أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو الآمر بقبضها  . 
قال جعفر   : بلغني أنه إنما يتصفحهم عند مواقيت الصلاة ، فإذا حضرهم عند الموت فإن كان ممن يحافظ على الصلاة دنا منه الملك ، ودفع عنه الشيطان ، ولقنه الملك : " لا إله إلا الله ، محمد  رسول الله " في تلك الحال العظيمة . 
وقال عبد الرزاق   : حدثنا محمد بن مسلم  ، عن إبراهيم بن ميسرة  قال : سمعت  مجاهدا  يقول ما على ظهر الأرض من بيت شعر أو مدر إلا وملك الموت يطيف به كل يوم مرتين . 
وقال كعب الأحبار   : والله ما من بيت فيه أحد من أهل الدنيا إلا وملك الموت يقوم على بابه كل يوم سبع مرات . ينظر هل فيه أحد أمر أن يتوفاه  . رواه ابن أبي حاتم   . 
وقوله : ( ثم إلى ربكم ترجعون   ) أي : يوم معادكم وقيامكم من قبوركم لجزائكم . 
				
						
						
