( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين    ( 20 ) وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ   ( 21 ) ) . 
لما ذكر [ الله ] تعالى قصة سبأ وما كان من أمرهم في اتباعهم الهوى والشيطان ، أخبر عنهم وعن أمثالهم ممن اتبع إبليس والهوى ، وخالف الرشاد والهدى ، فقال : ( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه   ) . 
 [ ص: 513 ] قال ابن عباس  وغيره : هذه الآية كقوله تعالى إخبارا عن إبليس حين امتنع من السجود لآدم ،  ثم قال : ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا   ) [ الإسراء : 62 ] ، ثم قال : ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين   ) [ الأعراف : 17 ] والآيات في هذا كثيرة . 
وقال  الحسن البصري   : لما أهبط الله آدم  من الجنة ومعه حواء ، هبط إبليس فرحا بما أصاب منهما ، وقال : إذا أصبت من الأبوين ما أصبت ، فالذرية أضعف وأضعف . وكان ذلك ظنا من إبليس ، فأنزل الله عز وجل : ( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين   ) فقال عند ذلك إبليس : " لا أفارق ابن آدم  ما دام فيه الروح ، أعده وأمنيه وأخدعه " . فقال الله : " وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما لم يغرغر بالموت ، ولا يدعوني إلا أجبته ، ولا يسألني إلا أعطيته ، ولا يستغفرني إلا غفرت له "  . رواه ابن أبي حاتم .  
وقوله : ( وما كان له عليهم من سلطان   ) قال ابن عباس   : أي من حجة . 
وقال  الحسن البصري   : والله ما ضربهم بعصا ، ولا أكرههم على شيء ، وما كان إلا غرورا وأماني دعاهم إليها فأجابوه . 
وقوله : ( إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك   ) أي : إنما سلطناه عليهم ليظهر أمر من هو مؤمن بالآخرة وقيامها والحساب فيها والجزاء ، فيحسن عبادة ربه عز وجل في الدنيا ، ممن هو منها في شك . 
وقوله : ( وربك على كل شيء حفيظ   ) أي : ومع حفظه ضل من ضل من اتباع إبليس ، وبحفظه وكلاءته سلم من سلم من المؤمنين أتباع الرسل . 
				
						
						
