( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج  وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون   ( 189 ) ) 
 [ ص: 522 ] 
قال العوفي  عن ابن عباس   : سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأهلة ، فنزلت هذه الآية : ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس [ والحج ]   ) يعلمون بها حل دينهم ، وعدة نسائهم ، ووقت حجهم . 
وقال أبو جعفر  ، عن الربيع  ، عن أبي العالية   : بلغنا أنهم قالوا : يا رسول الله ، لم خلقت الأهلة ؟ فأنزل الله ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس   ) يقول : جعلها الله مواقيت لصوم المسلمين وإفطارهم ، وعدة نسائهم ، ومحل دينهم  . 
وكذا روي عن عطاء  ، والضحاك  ، وقتادة ،   والسدي ،   والربيع بن أنس ،  نحو ذلك . 
وقال عبد الرزاق ،  عن عبد العزيز بن أبي رواد ،  عن نافع ،  عن ابن عمر  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " جعل الله الأهلة مواقيت للناس ، فصوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما "  . 
ورواه  الحاكم  في مستدركه ، من حديث ابن أبي رواد  ، به . وقال : كان ثقة عابدا مجتهدا شريف النسب ، فهو صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه . 
وقال محمد بن جابر  ، عن قيس بن طلق ;  عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " جعل الله الأهلة ، فإذا رأيتم الهلال فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة ثلاثين "  . وكذا روي من حديث  أبي هريرة  ، ومن كلام  علي بن أبي طالب ،  رضي الله عنه . 
وقوله : ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها   ) قال  البخاري   : حدثنا  عبيد الله بن موسى ،  عن إسرائيل ،  عن أبي إسحاق ،  عن البراء  قال : كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيت من ظهره ، فأنزل الله ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها   ) . 
وكذا رواه  أبو داود الطيالسي  ، عن شعبة ،  عن أبي إسحاق ،  عن البراء ،  قال : كانت الأنصار إذا قدموا من سفر لم يدخل الرجل من قبل بابه ، فنزلت هذه الآية . 
وقال الأعمش ،  عن أبي سفيان ،  عن جابر   : كانت قريش  تدعى الحمس ، وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام ، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب في الإحرام ، فبينا رسول الله  [ ص: 523 ] صلى الله عليه وسلم في بستان إذ خرج من بابه ، وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري ، فقالوا : يا رسول الله ، إن قطبة بن عامر رجل تاجر وإنه خرج معك من الباب . فقال له : " ما حملك على ما صنعت ؟ " قال : رأيتك فعلته ففعلت كما فعلت . فقال : " إني [ رجل ] أحمس " . قال له : فإن ديني دينك . فأنزل الله ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها   ) رواه ابن أبي حاتم   . ورواه العوفي  عن ابن عباس  بنحوه . وكذا روي عن مجاهد ،   والزهري ،  وقتادة ،   وإبراهيم النخعي  ،  والسدي ،   والربيع بن أنس   . 
وقال  الحسن البصري   : كان أقوام من أهل الجاهلية إذا أراد أحدهم سفرا وخرج من بيته يريد سفره الذي خرج له ، ثم بدا له بعد خروجه أن يقيم ويدع سفره ، لم يدخل البيت من بابه ، ولكن يتسوره من قبل ظهره ، فقال الله تعالى : ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها [ ولكن البر من اتقى ]   ) الآية . 
وقال محمد بن كعب   : كان الرجل إذا اعتكف لم يدخل منزله من باب البيت ، فأنزل الله هذه الآية . 
وقال عطاء بن أبي رباح   : كان أهل يثرب إذا رجعوا من عيدهم دخلوا منازلهم من ظهورها ويرون أن ذلك أدنى إلى البر ، فقال الله تعالى : ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها   ) 
وقوله : ( واتقوا الله لعلكم تفلحون ) أي : اتقوا الله فافعلوا ما أمركم به ، واتركوا ما نهاكم عنه ( لعلكم تفلحون ) غدا إذا وقفتم بين يديه ، فيجزيكم بأعمالكم على التمام ، والكمال . 
				
						
						
