[ ص: 264 ] تفسير سورة الجاثية وهي مكية .
بسم الله الرحمن الرحيم
( حم ( 1 ) تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ( 2 ) إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين ( 3 ) وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون ( 4 ) واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون ( 5 ) )
يرشد تعالى خلقه إلى ، وما فيهما من المخلوقات المختلفة الأجناس والأنواع من الملائكة والجن والإنس ، والدواب والطيور والوحوش والسباع والحشرات ، وما في البحر من الأصناف المتنوعة ، واختلاف الليل والنهار في تعاقبهما دائبين لا يفتران ، هذا بظلامه وهذا بضيائه ، وما أنزل الله تعالى من السحاب من المطر في وقت الحاجة إليه ، وسماه رزقا ; لأن به يحصل الرزق ، ( التفكر في آلائه ونعمه ، وقدرته العظيمة التي خلق بها السموات الأرض فأحيا به الأرض بعد موتها ) أي : بعد ما كانت هامدة لا نبات فيها ولا شيء .
وقوله : ( وتصريف الرياح ) أي : جنوبا وشآما ، ودبورا وصبا ، بحرية وبرية ، ليلية ونهارية . ومنها ما هو للمطر ، ومنها ما هو للقاح ، ومنها ما هو غذاء للأرواح ، ومنها ما هو عقيم [ لا ينتج ] .
وقال أولا ) لآيات للمؤمنين ) ، ثم ) يوقنون ) ثم ) يعقلون ) وهو ترق من حال شريف إلى ما هو أشرف منه وأعلى . وهذه الآيات شبيهة بآية " البقرة " وهي قوله : ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون ) [ البقرة : 164 ] . وقد أورد ابن أبي حاتم هاهنا عن أثرا طويلا غريبا في خلق الإنسان من الأخلاط الأربعة . وهب بن منبه