(
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29021ق والقرآن المجيد ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=2بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب ( 2 )
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=2أئذا أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد ( 3 )
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=4قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ ( 4 )
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=5بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج ( 5 ) )
[ ص: 394 ] ) ق ) : حرف من حروف الهجاء المذكورة في أوائل السور ، كقوله : ( ص ، ن ، الم ، حم ، طس ) ونحو ذلك ، قاله
مجاهد وغيره . وقد أسلفنا الكلام عليها ، في أول " سورة البقرة " بما أغنى عن إعادته .
وقد روي عن بعض السلف أنهم قالوا ) ق ) : جبل محيط بجميع الأرض ، يقال له جبل قاف . وكأن هذا - والله أعلم - من
nindex.php?page=treesubj&link=28965خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس ، لما رأى من جواز الرواية عنهم فيما لا يصدق ولا يكذب . وعندي أن هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاق بعض زنادقتهم ، يلبسون به على الناس أمر دينهم ، كما افتري في هذه الأمة - مع جلالة قدر علمائها وحفاظها وأئمتها - أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما بالعهد من قدم ، فكيف بأمة بني إسرائيل مع طول المدى ، وقلة الحفاظ النقاد فيهم ، وشربهم الخمور ، وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه ، وتبديل كتب الله وآياته ! وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله : " وحدثوا عن بني إسرائيل ، ولا حرج " فيما قد يجوزه العقل ، فأما فيما تحيله العقول ويحكم عليه بالبطلان ، ويغلب على الظنون كذبه ، فليس من هذا القبيل - والله أعلم .
وقد أكثر كثير من السلف من المفسرين ، وكذا طائفة كثيرة من الخلف ، من
nindex.php?page=treesubj&link=28965الحكاية عن كتب أهل الكتاب في تفسير القرآن المجيد ، وليس بهم احتياج إلى أخبارهم ، ولله الحمد والمنة ، حتى إن
الإمام أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، رحمه الله ، أورد هاهنا أثرا غريبا لا يصح سنده عن
ابن عباس فقال :
حدثنا أبي قال : حدثت عن
محمد بن إسماعيل المخزومي : حدثنا
ليث بن أبي سليم ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=treesubj&link=28661_31757خلق الله من وراء هذه الأرض بحرا محيطا ، ثم خلق من وراء ذلك جبلا يقال له " ق " السماء الدنيا مرفوعة عليه . ثم خلق الله من وراء ذلك الجبل أرضا مثل تلك الأرض سبع مرات . ثم خلق من وراء ذلك بحرا محيطا بها ، ثم خلق من وراء ذلك جبلا يقال له " ق " السماء الثانية مرفوعة عليه ، حتى عد سبع أرضين ، وسبعة أبحر ، وسبعة أجبل ، وسبع سماوات . قال : وذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ) [ لقمان : 27 ] .
فإسناد هذا الأثر فيه انقطاع ، والذي رواه
ابن أبي طلحة ، عن
ابن عباس في قوله : ( ق ) قال : هو اسم
nindex.php?page=treesubj&link=28714من أسماء الله عز وجل .
والذي ثبت عن
مجاهد : أنه حرف من حروف الهجاء ، كقوله : ( ص ، ن ، حم ، طس ، الم ) ونحو ذلك . فهذه تبعد ما تقدم عن
ابن عباس .
وقيل : المراد " قضي الأمر والله " ، وأن قوله : ( ق ) دلت على المحذوف من بقية الكلم كقول
[ ص: 395 ] الشاعر :
قلت لها : قفي فقالت : قاف
وفي هذا التفسير نظر ; لأن الحذف في الكلام إنما يكون إذا دل دليل عليه ، ومن أين يفهم هذا من ذكر هذا الحرف ؟ .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1والقرآن المجيد ) أي : الكريم العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد .
واختلفوا في جواب القسم ما هو ؟ فحكى
ابن جرير عن بعض النحاة أنه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=4قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ )
وفي هذا نظر ، بل الجواب هو مضمون الكلام بعد القسم ، وهو إثبات النبوة ، وإثبات المعاد ، وتقريره وتحقيقه وإن لم يكن القسم متلقى لفظا ، وهذا كثير في أقسام القرآن كما تقدم في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق ) [ ص : 1 ، 2 ] ، وهكذا قال هاهنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب ) أي : تعجبوا من إرسال رسول إليهم من البشر كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس ) [ يونس : 2 ] أي : وليس هذا بعجيب ; فإن الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس .
ثم قال مخبرا عنهم في عجبهم أيضا من المعاد واستبعادهم لوقوعه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=3أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد ) أي : يقولون : أإذا متنا وبلينا ، وتقطعت الأوصال منا ، وصرنا ترابا ، كيف يمكن الرجوع بعد ذلك إلى هذه البنية والتركيب ؟ (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=3ذلك رجع بعيد ) أي : بعيد الوقوع ، ومعنى هذا : أنهم يعتقدون استحالته وعدم إمكانه .
قال الله تعالى رادا عليهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=4قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ) أي : ما تأكل من أجسادهم في البلى ، نعلم ذلك ولا يخفى علينا أين تفرقت الأبدان ؟ وأين ذهبت ؟ وإلى أين صارت ؟ (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=4وعندنا كتاب حفيظ ) أي : حافظ لذلك ، فالعلم شامل ، والكتاب أيضا فيه كل الأشياء مضبوطة .
قال
العوفي ، عن
ابن عباس في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=4قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ) أي : ما تأكل من لحومهم وأبشارهم ، وعظامهم وأشعارهم . وكذا قال
مجاهد ،
وقتادة ،
والضحاك ، وغيرهم .
ثم بين تعالى سبب كفرهم وعنادهم واستبعادهم ما ليس ببعيد فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=5بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج ) أي : وهذا حال كل من خرج عن الحق ، مهما قال بعد ذلك فهو باطل . والمريج : المختلف المضطرب الملتبس المنكر خلاله ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=8إنكم لفي قول مختلف يؤفك عنه من أفك ) [ الذاريات : 8 ، 9 ] .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29021ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=2بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ( 2 )
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=2أَئِذَا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ( 3 )
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=4قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ( 4 )
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=5بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ( 5 ) )
[ ص: 394 ] ) ق ) : حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْهِجَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ ، كَقَوْلِهِ : ( ص ، ن ، الم ، حم ، طس ) وَنَحْوِ ذَلِكَ ، قَالَهُ
مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ . وَقَدْ أَسْلَفْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا ، فِي أَوَّلِ " سُورَةِ الْبَقَرَةِ " بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُمْ قَالُوا ) ق ) : جَبَلٌ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ الْأَرْضِ ، يُقَالُ لَهُ جَبَلُ قَافٍ . وَكَأَنَّ هَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28965خُرَافَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَخَذَهَا عَنْهُمْ بَعْضُ النَّاسِ ، لَمَّا رَأَى مِنْ جَوَازِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ فِيمَا لَا يُصَدَّقُ وَلَا يُكَذَّبُ . وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا وَأَمْثَالَهُ وَأَشْبَاهَهُ مِنَ اخْتِلَاقِ بَعْضِ زَنَادِقَتِهِمْ ، يُلَبِّسُونَ بِهِ عَلَى النَّاسِ أَمْرَ دِينِهِمْ ، كَمَا افْتُرِيَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ - مَعَ جَلَالَةِ قَدْرِ عُلَمَائِهَا وَحُفَّاظِهَا وَأَئِمَّتِهَا - أَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا بِالْعَهْدِ مِنْ قِدَمٍ ، فَكَيْفَ بِأُمَّةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَ طُولِ الْمَدَى ، وَقِلَّةِ الْحُفَّاظِ النُّقَّادِ فِيهِمْ ، وَشُرْبِهِمُ الْخُمُورَ ، وَتَحْرِيفِ عُلَمَائِهِمُ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ، وَتَبْدِيلِ كُتُبِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ ! وَإِنَّمَا أَبَاحَ الشَّارِعُ الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ : " وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَلَا حَرَجَ " فِيمَا قَدْ يُجَوِّزُهُ الْعَقْلُ ، فَأَمَّا فِيمَا تُحِيلُهُ الْعُقُولُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْبُطْلَانِ ، وَيَغْلِبُ عَلَى الظُّنُونِ كَذِبُهُ ، فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ أَكْثَرَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ ، وَكَذَا طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْخَلَفِ ، مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=28965الْحِكَايَةِ عَنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ، وَلَيْسَ بِهِمُ احْتِيَاجٌ إِلَى أَخْبَارِهِمْ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ ، حَتَّى إِنَّ
الْإِمَامَ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيَّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَوْرَدَ هَاهُنَا أَثَرًا غَرِيبًا لَا يَصِحُّ سَنَدُهُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ :
حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : حُدِّثْتُ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيِّ : حَدَّثَنَا
لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28661_31757خَلَقَ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ هَذِهِ الْأَرْضِ بَحْرًا مُحِيطًا ، ثُمَّ خَلَقَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ " ق " السَّمَاءُ الدُّنْيَا مَرْفُوعَةٌ عَلَيْهِ . ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ الْجَبَلِ أَرْضًا مِثْلَ تِلْكَ الْأَرْضِ سَبْعَ مَرَّاتٍ . ثُمَّ خَلَقَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ بَحْرًا مُحِيطًا بِهَا ، ثُمَّ خَلَقَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ " ق " السَّمَاءُ الثَّانِيَةُ مَرْفُوعَةٌ عَلَيْهِ ، حَتَّى عَدَّ سَبْعَ أَرْضِينَ ، وَسَبْعَةَ أَبْحُرٍ ، وَسَبْعَةَ أَجْبُلٍ ، وَسَبْعَ سَمَاوَاتٍ . قَالَ : وَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ) [ لُقْمَانَ : 27 ] .
فَإِسْنَادُ هَذَا الْأَثَرِ فِيهِ انْقِطَاعٌ ، وَالَّذِي رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ : ( ق ) قَالَ : هُوَ اسْمٌ
nindex.php?page=treesubj&link=28714مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
وَالَّذِي ثَبَتَ عَنْ
مُجَاهِدٍ : أَنَّهُ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْهِجَاءِ ، كَقَوْلِهِ : ( ص ، ن ، حم ، طس ، الم ) وَنَحْوِ ذَلِكَ . فَهَذِهِ تُبْعِدُ مَا تَقَدَّمَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ .
وَقِيلَ : الْمُرَادُ " قُضِيَ الْأَمْرُ وَاللَّهِ " ، وَأَنَّ قَوْلَهُ : ( ق ) دَلَّتْ عَلَى الْمَحْذُوفِ مِنْ بَقِيَّةِ الْكَلِمِ كَقَوْلِ
[ ص: 395 ] الشَّاعِرِ :
قُلْتُ لَهَا : قِفِي فَقَالَتْ : قَافْ
وَفِي هَذَا التَّفْسِيرِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ الْحَذْفَ فِي الْكَلَامِ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَيْهِ ، وَمِنْ أَيْنَ يُفْهَمُ هَذَا مِنْ ذِكْرِ هَذَا الْحَرْفِ ؟ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) أَيِ : الْكَرِيمُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ .
وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَابِ الْقَسَمِ مَا هُوَ ؟ فَحَكَى
ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بَعْضِ النُّحَاةِ أَنَّهُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=4قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ )
وَفِي هَذَا نَظَرٌ ، بَلِ الْجَوَابُ هُوَ مَضْمُونُ الْكَلَامِ بَعْدَ الْقَسَمِ ، وَهُوَ إِثْبَاتُ النُّبُوَّةِ ، وَإِثْبَاتُ الْمَعَادِ ، وَتَقْرِيرُهُ وَتَحْقِيقُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْقَسَمُ مُتَلَقًّى لَفْظًا ، وَهَذَا كَثِيرٌ فِي أَقْسَامِ الْقُرْآنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=1ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ) [ ص : 1 ، 2 ] ، وَهَكَذَا قَالَ هَاهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=1ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ) أَيْ : تَعَجَّبُوا مِنْ إِرْسَالِ رَسُولٍ إِلَيْهِمْ مِنَ الْبَشَرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ ) [ يُونُسَ : 2 ] أَيْ : وَلَيْسَ هَذَا بِعَجِيبٍ ; فَإِنَّ اللَّهَ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ .
ثُمَّ قَالَ مُخْبِرًا عَنْهُمْ فِي عَجَبِهِمْ أَيْضًا مِنَ الْمَعَادِ وَاسْتِبْعَادِهِمْ لِوُقُوعِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=3أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) أَيْ : يَقُولُونَ : أَإِذَا مِتْنَا وَبَلِينَا ، وَتَقَطَّعَتِ الْأَوْصَالُ مِنَّا ، وَصِرْنَا تُرَابًا ، كَيْفَ يُمْكِنُ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى هَذِهِ الْبِنْيَةِ وَالتَّرْكِيبِ ؟ (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=3ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) أَيْ : بَعِيدُ الْوُقُوعِ ، وَمَعْنَى هَذَا : أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ اسْتِحَالَتَهُ وَعَدَمَ إِمْكَانِهِ .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى رَادًّا عَلَيْهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=4قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ ) أَيْ : مَا تَأْكُلُ مِنْ أَجْسَادِهِمْ فِي الْبِلَى ، نَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَا يَخْفَى عَلَيْنَا أَيْنَ تَفَرَّقَتِ الْأَبْدَانُ ؟ وَأَيْنَ ذَهَبَتْ ؟ وَإِلَى أَيْنَ صَارَتْ ؟ (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=4وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ) أَيْ : حَافِظٌ لِذَلِكَ ، فَالْعِلْمُ شَامِلٌ ، وَالْكِتَابُ أَيْضًا فِيهِ كُلُّ الْأَشْيَاءِ مَضْبُوطَةٌ .
قَالَ
الْعَوْفِيُّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=4قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ ) أَيْ : مَا تَأْكُلُ مِنْ لُحُومِهِمْ وَأَبْشَارِهِمْ ، وَعِظَامِهِمْ وَأَشْعَارِهِمْ . وَكَذَا قَالَ
مُجَاهِدٌ ،
وقَتَادَةُ ،
وَالضَّحَّاكُ ، وَغَيْرُهُمْ .
ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى سَبَبَ كُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ وَاسْتِبْعَادِهِمْ مَا لَيْسَ بِبَعِيدٍ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=5بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) أَيْ : وَهَذَا حَالُ كُلِّ مَنْ خَرَجَ عَنِ الْحَقِّ ، مَهْمَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ . وَالْمَرِيجُ : الْمُخْتَلِفُ الْمُضْطَرِبُ الْمُلْتَبِسُ الْمُنْكَرُ خِلَالَهُ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=8إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ) [ الذَّارِيَاتِ : 8 ، 9 ] .