[ ص: 396 ]  ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج    ( 6 ) والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج   ( 7 ) تبصرة وذكرى لكل عبد منيب   ( 8 ) ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد   ( 9 ) والنخل باسقات لها طلع نضيد   ( 10 ) رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج   ) ( 11 ) 
يقول تعالى منبها للعباد على قدرته العظيمة التي أظهر بها ما هو أعظم مما تعجبوا مستبعدين لوقوعه : ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها   ) ؟ أي : بالمصابيح ، ( وما لها من فروج   ) . قال مجاهد   : يعني من شقوق . وقال غيره : فتوق . وقال غيره : من صدوع . والمعنى متقارب ، كقوله تعالى : ( الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير   ) [ الملك : 3 ، 4 ] أي : كليل ، أي : عن أن يرى عيبا أو نقصا . 
وقوله : ( والأرض مددناها   ) أي : وسعناها وفرشناها ، ( وألقينا فيها رواسي   ) وهي : الجبال ; لئلا تميد بأهلها وتضطرب ; فإنها مقرة على تيار الماء المحيط بها من جميع جوانبها ، ( وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج   ) أي : من جميع الزروع والثمار والنبات والأنواع ، ( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون   ) [ الذاريات : 49 ] ، وقوله : ( بهيج ) أي : حسن نضر . 
( تبصرة وذكرى لكل عبد منيب   ) أي : ومشاهدة خلق السماوات [ والأرض ]  وما جعل [ الله ] فيهما من الآيات العظيمة تبصرة ودلالة وذكرى لكل عبد منيب ، أي : خاضع خائف وجل رجاع إلى الله عز وجل . 
وقوله تعالى : ( ونزلنا من السماء ماء مباركا   ) أي : نافعا ، ( فأنبتنا به جنات   ) أي : حدائق من بساتين ونحوها ، ( وحب الحصيد   ) وهو : الزرع الذي يراد لحبه وادخاره . 
( والنخل باسقات   ) أي : طوالا شاهقات . وقال ابن عباس  ، ومجاهد  ، وعكرمة  ، والحسن  ، وقتادة  ،  والسدي  ، وغيرهم : الباسقات الطوال . ( لها طلع نضيد   ) أي : منضود . ( رزقا للعباد   ) أي : للخلق ، ( وأحيينا به بلدة ميتا   ) وهي : الأرض التي كانت هامدة ، فلما نزل عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج من أزاهير وغير ذلك ، مما يحار الطرف في حسنها ، وذلك بعد ما كانت لا نبات بها ، فأصبحت تهتز خضراء ، فهذا مثال للبعث بعد الموت والهلاك ، كذلك يحيي الله الموتى . وهذا المشاهد من عظيم قدرته بالحس أعظم مما أنكره الجاحدون للبعث كقوله تعالى : ( لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس   ) [ غافر : 57 ] ، وقوله : ( أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير   ) [ الأحقاف : 33 ] ، وقال تعالى : ( ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير   ) [ فصلت : 39 ] . 
				
						
						
