[ ص: 459 ]  ( إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى    ( 27 ) وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا   ( 28 ) فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا   ( 29 ) ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى   ( 30 ) ) 
يقول تعالى منكرا على المشركين في تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى ، وجعلهم لها أنها بنات الله ، كما قال : ( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون   ) [ الزخرف : 19 ] ; ولهذا قال : ( وما لهم به من علم   ) أي : ليس لهم علم صحيح يصدق ما قالوه ، بل هو كذب وزور وافتراء ، وكفر شنيع . ( إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا   ) أي : لا يجدي شيئا ، ولا يقوم أبدا مقام الحق . وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث "  . 
وقوله : ( فأعرض عن من تولى عن ذكرنا   ) أي : أعرض عن الذي أعرض عن الحق واهجره . 
وقوله : ( ولم يرد إلا الحياة الدنيا    ) أي : وإنما أكثر همه ومبلغ علمه الدنيا ، فذاك هو غاية ما لا خير فيه . ولذلك قال : ( ذلك مبلغهم من العلم   ) أي : طلب الدنيا والسعي لها هو غاية ما وصلوا إليه . 
وقد روى الإمام أحمد  عن أم المؤمنين عائشة   [ رضي الله عنها ] قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، ولها يجمع من لا عقل له " وفي الدعاء المأثور : " اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ علمنا " . 
وقوله : ( إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى    ) أي : هو الخالق لجميع المخلوقات ، والعالم بمصالح عباده ، وهو الذي يهدي من يشاء ، ويضل من يشاء ، وذلك كله عن قدرته وعلمه وحكمته ، وهو العادل الذي لا يجور أبدا ، لا في شرعه ولا في قدره . 
				
						
						
